لكل منطقة خلافاتها المتبادلة بين السلطة وقوى المجتمع في أمور داخلية تماماً كما هو التجاذب السياسي في الكويت والبحرين وغيرهما من مناطق الخليج وهذا أمر طبيعي يحدث في أي بلد في أميركا وفي بريطانيا وفي إيران وماليزيا إلخ، لكن كل هؤلاء - بفريق السلطة وفريق المعارضة وبرواد المجتمع المدني - يلتقون ساعة تعرض الأمن الوطني أو السلم الأهلي أو النظام السياسي لأي خطر يجمدون كل مشكلاتهم لأجل الوطن، ويتوحدون في موقف وطني واحد للدفاع عن السيادة الوطنية، وعن الأمن الداخلي، ويتكتلون للدفاع عن الثوابت الوطنية. هناك اصطفاف وطني إيراني عبر كل الأجنحة السياسية للدفاع عن البرنامج النووي، وهناك في الكويت وقفت كل التيارات السياسية مع الوطن بعد رحيل الشيخ جابر في اصطفاف وطني كبير، وكذلك حدث في البحرين للتصويت على الميثاق ودعم المشروع الإصلاحي الذي أخرج البحرين من مرحلة مليئة بالتوتر والاحتقان إلى مرحلة أكثر أمناً وحرية.
اليوم في ظل اشتعال محارق إقليمية نحن في أمس الحاجة للتماسك الوطني ولملمة الجراح وتقليل أي توتر بدعم الحريات المنضبطة ووضع أسنان جديدة للديمقراطية. وضع متوتر ففي لبنان يوجد توتر سياسي واحتقان كبير ربما ينفجر في أية لحظة وهناك وضع متفجر في الأراضي المحتلة وتهديد بقتل هنية رئيس الوزراء من قبل «إسرائيل» واحباط عارم لدى حركة فتح بسبب الخسارة البرلمانية، والعراق يتفجر يومياً مآسي وآخرها الاعتداء على المراقد المقدسة لتفجير الوضع طائفيا. وإيران والولايات المتحدة وأوروبا في حرب باردة قد تصل - أميركيا وإيرانيا - إلى ضربة عسكرية بسبب إصرار إيران ورفض أميركا البرنامج النووي، والسعودية مازالت محل استهداف من قبل الإرهابيين وكاد السيف يصل إلى رأس الآبار النفطية كما حدث الجمعة الماضي، إلى منطقة بقيق. علماً أن السعودية تصدر يومياً 7 ملايين برميل وهي تمثل سدس صادرات العالم، فالمساس بها يسبب خسارة إقليمية على جميع المستويات وطبعاً يضعف التكتل الخليجي القوي الذي يعد استقراره السياسي أحد مصادر الاستقرار والتوازن السياسي والاقتصادي في العالم، فضلاً عن العالم العربي والإسلامي. إذا نحن بحاجة إلى رص الصفوف خليجياً للحفاظ على حاضرنا والمستقبل ومنع أي توتر طائفي يأتينا من العراق.
نحن في منطقة بالغة الحساسية، إذ آبار النفط. كما هو الاصطفاف الوطني في سورية ولبنان وإيران وأميركا وكل العالم يجب أن نصطف نحن هنا خليجياً للحفاظ على الأمن الوطني والاقتصادي والسياسي الخليجي، وان نحذر من تسلل أي خطاب انشطاري أو أي شعار قد يضعف التماسك الوطني.
وطنياً نحن اليوم في أمس الحاجة إلى الالتفاف الوطني للحفاظ على وحدتنا الوطنية وعلى ثوابتنا الوطنية فلابد أن نرص الصفوف كتلة واحدة عبر جبهة وطنية واحدة في ظل عالم يعمل لأجل مصالح رعاياه. التقارب بين المذاهب والديانات أصبح ضرورة في ظل عالم يقاد إلى صراع الحضارات لا إلى حوارها. نحن بحاجة إلى خطاب تسامحي وعقل تواصلي مع الآخر، وإلى إعادة صلح بين التراث والعصر. بحاجة إلى دعم الدولة المدنية وتركيز آليات المجتمع المدني التي يتحرك إيقاعها مع إيقاع الخصوصية الثقافية للمنطقة. لابد من حل جدلية المعرفة - فكرياً وعملياً - وتمكين المرأة وحقوق الإنسان وتطبيق الحريات العامة. بارتفاع سعر النفط سيتأخر هبوب رياح الديمقراطية على رغم عولمة التكنولوجيا.
ختاماً، أقول: الخليج أولاً.
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1270 - الأحد 26 فبراير 2006م الموافق 27 محرم 1427هـ