العدد 1270 - الأحد 26 فبراير 2006م الموافق 27 محرم 1427هـ

لافتات «لا تنتخبوا المرأة»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أننا مقبلون على حرب لافتات! أينما ذهبت استقبلتك اللافتات أشكالاً وأنواعاً في الشوارع الرئيسية والميادين العامة. اللهم لا إشكال ولا اعتراض، بل إنه من دواعي فخر البلد ومظهر من مظاهر التسامح والحراك الثقافي والسياسي فيه.

وبما أن لكل لافتةٍ هدفاً ورسالة تود إيصالها للمتلقي، فما الذي أوصلته لافتة «انتخبوا المرأة» إليك وأنت تسوق سيارتك في الشارع؟

لن نختلف على ضرورة تمكين المرأة، وأن تنال المرأة حقوقها «الإنسانية» كاملة، لا فرق بينها وبين الرجل، لكن السؤال عن طريقة العرض... وإيصال الرسالة إلى المتلقين، رجالاً ونساءً.

«انتخبوا المرأة العام 2006»، هو الشعار الذي اختاره «المجلس الأعلى للمرأة»، أو ربما اختارته شركة استشارات لإنجاح الحملة «الحالية»، التي سبقتها حملة أولى بدأت وانتهت دون أن يعلم الجمهور المستهدف عنها شيئاً! ويقال إن هناك حملةً ثالثةً في الطريق، فلننتظر لنرَ المفاجآت الجديدة.

لن نسأل عن الموازنة التي رصدت لتحقيق أهداف هذه الحملات، فربما يكون ذلك من الأسرار، تمويلاً وصرفاً، ولن نسأل عن الحملة الأولى التي انتهت قبل أن نسمع بها أصلاً، ولكن من حقّنا كمواطنين مهتمين بالشأن العام أن نطرح أسئلتنا الحائرة عن الحملة الحالية: ماذا بعد؟ ولماذا ننتخب المرأة؟ وعلى أيّ أساس؟ وهل طريقة الإعلان كفيلة بإيصال رسالةٍ إعلاميةٍ ناجحةٍ إلى المواطن والمواطنة، وإقناعهما بـ «انتخاب المرأة»؟ وهل المقصود أن ننتخب «امرأة» ما وكفى؟ هل هذا هو قصد الجهة التي تريد احتكار تمثيل المرأة البحرينية وتمثيلها حصرياً؟

طريقة تصميم الإعلان نفسها فيها نوعٌ من الاستفزاز للعقل، فلماذا توضع صورتي كصحافي مثلاً بالحجم الكبير مع عبارة صغيرة: «انتخبوا المرأة 2006»؟ ومن أكون حتى أوجّه الجمهور بهذه العبارة من «فوق»؟ ومن يكون رجل أعمال أو عامل أو سكرتيرة أو طبيبة، مع احترامنا الشديد لكل المهن على الإطلاق، ولكن هل هذا الخطاب التسطيحي الساذج كافٍ لإقناع السائق المسرع بسيارته، بوجاهة انتخاب المرأة وقوة حجة أصحاب الحملة؟ أليس في ذلك نوعٌ من سوء الفهم الشديد لوضع البلد الذي تعاني تجربته البرلمانية من مطبات ومعوقات ومحبطات؟ هل المشكلة في وجود 40 رجلاً في البرلمان وخلوه من النساء؟ أليس في ذلك تحويل للأنظار إلى صراع جانبي وغير مطروح للمتابعين للشأن السياسي منذ عقود؟

الغريب أن بعض الجمعيات السياسية قبلت الانسياق في هذا الماراثون الساذج، بتقديم «مرئياتها» و«تنظيراتها» عن تمكين المرأة ودعم دخولها البرلمان، ولم يسأل أحدٌ عن الكوادر المؤهلة فعلاً لخوض هذه التجربة. ومن دون تشكيكٍ في قدرات المرأة البحرينية، فذلك موضوع لا نقبل النقاش فيه أصلاً، لكن في مجال التجربة البرلمانية المحبطة، اسمحوا لنا... فدخول المرأة بهذه الصورة لن يزيد التجربة المرّة إلاّ إحباطاً بكل تأكيد.

الجماعة يناقشون الأمر وكأن دخول المرأة البرلمان نزهة أو رحلة سياحية، أو شهادة إضافية تعلّقها على جدار منزلها للمباهاة. انها قضية مجتمع يعيش أزمة سياسية معقدة، لن تحلها تنظيرات، ولا لافتات عاجزة عن مخاطبة القلب والعقل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1270 - الأحد 26 فبراير 2006م الموافق 27 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً