العدد 1270 - الأحد 26 فبراير 2006م الموافق 27 محرم 1427هـ

الملف النووي الإيراني

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ربما مع الزمن سيتحول الحديث عن الملف النووي الإيراني وكأنه شأن محلي، لأسباب معقولة أو لتصورات موهومة. وإذا أغفلنا جانب الوهم الذي يغرق فيه البعض، فإن الملف النووي الإيراني أصبح حديث السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، والسبب هو أن هذا الملف الذي يبدو وكأنه تحت السيطرة سياسياً قد يتحول إلى كرة ثلج تتدحرج.

هناك من يسأل: ماذا لو حدث تسرب من المفاعل، حتى لو كان من أجل الأهداف السلمية؟ ماذا سيكون رد فعل الدول الإقليمية المهمة في حال كان البرنامج له أهداف أخرى تتعلق بالتسلح الاستراتيجي؟.

وفي حديثه لرؤساء تحرير الصحف المحلية، تحدث جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأشار إلى موقف البحرين «من أن استخدامات علوم الذرة للأغراض السلمية حق مشروع». وأضاف «وقد فهمنا من الإيرانيين بأن السلاح الذري لديهم من المحرمات... ولكن يجب أن يكون محرماً على الكل».

من جانبها، تتحدث إيران بلغة القانون الدولي، وأنها وقعت على اتفاق منع الانتشار النووي، وبررت موقفها عندما اكتشف أن لديها معدات تحمل مؤشرات لتخصيب اليورانيوم (وهي المرحلة السابقة لصنع السلاح النووي)، وهناك من يصدق تبريرات إيران، وهناك من لا يصدقها.

المشكلة معقدة، لأن التكنولوجيا المطلوبة لتصنيع السلاح النووي تتقاطع في مواقع عدة مع الحاجة إلى توليد الطاقة الكهربائية السلمية، ومسألة تحديد مجال أو نطاق هذه التكنولوجيا أو تلك تخضع لتقديرات يمكن الاختلاف عليها.

المشكلة الأصعب هي انعدام الثقة بين المتحاورين الأوروبيين (ومن خلفهم الأميركان) من جانب والإيرانيين من جانب آخر، وهذا أدى إلى أن يتحول موضوع امتلاك القدرة التكنولوجية وإجراء البحوث وكأنه غاية وطنية وهدف قومي يلتف حوله الإيرانيون، في الوقت الذي تتكاتف قوى كبرى حول راية مضادة.

ومن الناحية العملية، فإن كلفة ضرب إيران عسكرياً ستكون أقوى بكثير من عدم ضربها، وذلك لعدة عوامل، من بينها أن سوق الطاقة لا يتحمل أية عرقلة لضخ النفط من الخليج.

غير أنه من المؤكد أن الولايات المتحدة تستطيع - لو قررت - أن تضرب بقسوة عدة مئات من الأهداف الإيرانية خلال ساعة واحدة من دون الحاجة إلى إرسال جندي واحد إلى إيران، وتستطيع بذلك أن تُرجع إيران عشرات السنين إلى الوراء. ولكن مثل هذه الضربة تحتاج إلى مساندة دولية، وهو أمر لا يبدو توافره حالياً. ولذلك، ربما أن ما تبحث عنه واشنطن هو تحديد هدف صغير تطالب به وكالة الطاقة الدولية، ومن ثم ضربه عن بُعد في الوقت المناسب. وعليه، فإن الملف سيبقى يغلي ويُعقّد ما يجري في الشرق الأوسط حالياً من اضطراب مستمر.

ومشكلتنا أننا أصبحنا من دون قرار أو رأي يؤخذ به، وهذا يعود أساساً إلى تغييب إرادة الشعوب من جانب (وهي التي تدفع الثمن)، ويعود إلى تغييب الحوار المتوازن بين مختلف الأطراف.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1270 - الأحد 26 فبراير 2006م الموافق 27 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً