العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ

زوبعة دبوية تهب على الولايات المتحدة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فجر اتفاق، تبلغ قيمتة 6,8 مليارات دولار ووافقت عليه الحكومة الأميركية، يتم بمقتضاه تسلم شركة موانئ دبي العالمية إدارة مجموعة من الموانئ الاستراتيجية الأميركية مخاوف وانتقادات من سياسيين أميركيين ينتمون للحزبين الديمقراطي والجمهوري، بدعوى إن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة عرضة للإرهاب.

ويخشى المعارضون لهذا العقد ان يزيد العمل به من خطر تعرض الولايات المتحدة الى هجمات ارهابية، وخصوصاً، بحسب تعبيرهم، ان اثنين من منفذي هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 يحملان الجنسية الاماراتية.

الأوراق السياسية

فقد أكد عضوان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ الأميركي هما، روبرت ميننديز عن نيوجيرسي، وهيلاري كلينتون عن نيويورك أنهما سيقدمان مشروع قانون يهدف إلى منع شركة موانئ دبي العالمية من تولي ادارة عدة موانئ أميركية وذلك لأسباب أمنية، مؤكدين إنهما سيقدمان مشروع قانون لحظر الشركات المملوكة أو التي تسيطر عليها حكومات أجنبية من الاستحواذ على عمليات في موانئ أميركية.

من جهته، قال السيناتور الديمقراطي تشاك شومر ان «السؤال الذي من الضروري الاجابة عليه هو التالي: هل تستطيع دبي ان تدير المرافئ الاميركية في عالم ما بعد 11 سبتمبر».

ودعا رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي السيناتور ليندسي جراهام، إلى وقف تنفيذ العقد فورا واجراء «تحقيق متعمق» بشأنه.

أما السيناتور الجمهوري عن أوكلاهوما طوم كوربون قال: «إعطاء مفاتيح موانئ استراتيجية لنظام سبق أن اعترف بنظام طالبان ليس متوائما مع مكافحتنا للإرهاب. ولذلك فإني أطلب من وزير الخزانة جون سنو أن يراجع من جديد القرار الذي يمكن أن يعرض للخطر أمننا القومي».

وينوي المعارضون للاتفاق عقد جلسة استماع وخصوصاً في مجلس الشيوخ الاميركي في وقت لاحق من الشهر الجاري، لمناقشة الموضوع من كل جوانبه. وهو ما ينوي حاكما نيويورك وميريلاند جورج باتاكي وروبرت اهريتش الدعوة إليه، إذ صرحا انهما «يدرسان امكان الغاء عقود ادارة المرافئ».

الرئيس الأميركي جورج بوش المنتمي للحزب الجمهوري أكد ان الاتفاق لن يهدد الأمن الأمريكي ملمحا إلى انه قد يستخدم حقه في نقض أي تشريع في الكونغرس يهدف إلى وقف العمل بالاتفاق، في إشارة الى ما ينوي بعض أعضاء الحزب الديمقراطي الاميركي القيام به، وهو التحضير لمشروع قانون يمنع بيع ادارة المرافئ الاميركية الى حكومات أجنبية.

ودافع بوش عن الاتفاق الذي حصلت بمقتضاه الشركة الإماراتية على حق إدارة عدد من المرافئ الأميركية. وقال بوش في تصريحات نقلتها قبل أيام وكالة «رويترز»: «إن الاتفاق يجب أن يتم المضي قدما فيه».

ولم تتوقف موجة المخاوف عند حدود الدوائر السياسية، بل انتقلت إلى الأجهزة الإعلامية أيضا، فقد وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» القرار أنه «أسوأ طريقة للحفاظ على موانئنا» فيما سألت صحيفة «واشنطن تايمز» من جهتها، عما «إذا كنا فعلا نريد أن تكون موانئنا تحت أيادي دولة ينشط فيها أعضاء القاعدة وينقلون منها الأموال».

وأدت سرعة هذا النمو والتنوع الاقتصادي إلى أن يعتقد البعض أن مصادر تمويل خفية أو غير شرعية وراء كل ذلك، لكن الرئيس التنفيذي لموانئ دبي العالمية سلطان أحمد بن سليم نفى ذلك تماماً، وقال: إن الأشرار ليس لهم أصدقاء على الإطلاق، وفضلاً عن ذلك فإن دبي تلعب دوراً رئيسياً في المساهمة في إلقاء القبض على كثير من المتطرفين.

حكومة دبي ذاتها حريصة على الاحتفاظ بالسمعة الطيبة التي حققتها في المحافل الدولية، فقد أعلنت على لسان الكثير من المسئولين ان الامارات العربية المتحدة هي حليف اساسي للولايات المتحدة في الحرب على الارهاب، محاولة قدر الإمكان تحاشي الانزلاق إلى معركة سياسية قد تترك ظلالها السلبية على الاتفاق وهو ما لا تريده الشركة الدبوية.

الآفاق الاقتصادية

مثل هذا الاتفاق سييح لشركة دبي للموانئ الدولية نقل سيطرتها على موانئ كل من نيويورك ونيوجيرسي وفيلادلفيا وبالتيمور وميامي ونيوأورليانز.

ويأتي ذلك النجاح بعد شراء شركة دبي للموانئ لشركة إدارة الموانئ والعبارات البريطانية بي آند أو في الأسبوع الماضي بصفقة تجاوزت قيمتها 6 مليارات دولار، والتي بموجبها ستتمكن موانئ دبي العالمية من الانتشار والتواجد في 51 ميناء في 30 دولة بعد أن كانت تتواجد في 22 ميناء بـ 12 بلداً، إذ أضافت إليها بي اند أو 29 ميناء في 18 دولة.

كما سترتفع الطاقة الاستيعابية لموانئ دبي العالمية من 20 مليون حاوية نمطية في الوقت الراهن الى 50 مليون حاوية نمطية، إذ ستضيف اليها موانئ بي اند أو مناولة 30 مليون حاوية في السنة ومعها ستحتل المرتبة الثالثة عالمياً بين مشغلي الموانئ بعد أن كانت في المرتبة السابعة.

ليس هذا فحسب، بل ان هناك موانئ مهمة وحيوية ستنتقل لإدارة موانئ دبي العالمية، فبالاضافة إلى الموانئ الأميركية الستة، هناك ميناء في كندا و3 موانئ في بريطانيا وميناءان في فرنسا وميناء في بلجيكا وميناء في روسيا. وميناء في باكستان وميناء في تايلاند وميناءان في الصين و4 موانئ في استراليا و3 موانئ في الهند وميناء في كل من باكستان وموزمبيق والفلبين واندونيسيا وسريلانكا وفيتنام والأرجنتين وهو ما يعني انتشارها في القارات الخمس بما يلبي احتياجات عملائها الحاليين

هذه المكاسب التي حققتها موانئ دبي العالمية على الصعيد الخارجي تعززها إنجازات أخرى على الصعيد الداخلي، ففي منتصف الشهر الماضي ومنذ أن تسربت أخبار احتمالات فوز الشركة بصفقة شراء شركة بي آند أو البريطانية العملاقة، ارتفعت قيمة أسهم موانئ دبي العالمية. أكد ذلك بنك دبي الإسلامي حين أعلن أن مؤسسة دبي للموانئ تلقت طلبات قيمتها 11,4 مليار دولار للاكتتاب في أكبر إصدار من السندات الإسلامية في التاريخ، اذ زاد الإقبال ثلاث مرات على الكمية المطروحة.

وعرضت السندات الشركة العامة للموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي، وهي الشركة القابضة التي تتبعها شركة موانئ دبي العالمية. وأكد بيان لبنك دبي الإسلامي إن الإصدار التاريخي البالغ قيمته 2,8 مليار دولار زاد إلى 3,5 مليار دولار نتيجة الإقبال الضخم من المستثمرين، مشيرا إلى أن تجاوز الاكتتاب للكمية المطروحة ليصل إلى 11,4 مليار دولار.

وجرى تسعير الصكوك التي يحل أجلها في 23 يناير/كانون الثاني 2008 بعائد طرح أولي عام قدره 7,125 في المئة، وهو العائد الذي سيحصل عليه المستثمرون حال طرح شركات موانئ دبي أسهما للاكتتاب العام. وإذا لم يكن هناك طرح أسهم أولى للاكتتاب العام سيبلغ عائد الصكوك 10,125 في المئة.

معركة إدراة الموانئ الأميركية أعادت إلى الأذهان معارك أخرى افتعلتها الأوساط السياسية الأميركية مع منافسين لها في مجالات اقتصادية كثيرة من بين أهمها معاركهم ضد الدول المصدرة للنفط بما فيها تلك الحليفة، وصراعهم في منتصف السبعينات مع شركات الملابس الجاهزة الكورية، ثم حربهم المسعورة التي شنوها على المؤسسا ت المالية والاستثمارية الإسلامية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ، وأخيرا وليس آخرا صراعهم مع شركات إنتاج الأحذية الصينية والفيتنامية.

وليس أمامنا سوى انتظار نتائج الزوبعة الدبوية التي وصلت أعاصيرها إلى الأراضي الأميركية، والتي لن تكون محصورة في فنجان كما يتمنى لها البعض

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً