العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ

من يهتم...؟

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

القارئ يعي أن الصحافة تقوم على الخدعة، ويدرك أن الصحف غالباً ما تتجه نحو استكمال صفحاتها كيفما يكون، والمهم أن تخرج الصحيفة كلّ صباح. للصحف أيام تتصدر فيها اهتمامات القارئ، وثمة أيام، تجعله محاطاً بسرد تفاهات تبعث «الملل».

«الملل» الذي قد يحس به القارئ تجاه أي صحيفة، تقابله حال ملل أخرى، يمل فيها الصحافيون من الجهات الحكومية والرسمية، أخبار فارغة يجب التعامل معها ونشرها، وإلاّ فالصحيفة - أي صحيفة - تهمل أخبار هذه الجهة الرسمية أو تلك الوزارة بالتحديد.

كانت الصحافة في قراءة «الدول النامية» لوظيفة الإعلام هي جهاز تنمية وتطوير، بمعنى أنها تساعد الدولة في بيان إنجازاتها وخططها. وكان هذا التقدير - الممل - السبب في خروج الكثير من الدول العظمى كالولايات المتحدة من عباءة «اليونسكو» لسنوات طويلة، ورفضها دعم البنى الاتصالية والإعلامية في تلك الدول.

للحكومة أجهزة النشر التي تنشر أعمالها. وبناء المدارس والمستشفيات، وصيانة المنشآت، ليست إنجازات تاريخية، هذه مجرد وظيفة. وظيفة الحكومات أن تقوم بالبناء والإعمار، كما أن وظيفتها هي سرقة المال العام حين تخطئ في التوزير والتوكيل في وزاراتها، وهذا بالتحديد ما يهم القارئ. ثمة فرق بين النشر الرسمي، وبين ما يجب أن تعالجه أجهزة الصحافة، هذا الفارق البسيط لا يدركه المتطفلون على الصحافة والعلاقات العامة معاً.

الصحافة ليست جهاز تنمية، الصحافة جهاز سلطة مجتمعية، الصحافة هي القارئ نفسه، همومه، طموحاته، ثقافته، ما يتعرض له من ابتزاز، أو سرقة، أو خداع. هي أحاسيسه بالفرحة والحزن، هي حقيقة يومه. وليست سرد حياة «الشخصية الرسمية» استقبل من؟ ودع من؟ وسافر إلى أين... في زيارة خاصة.

العينات الفارغة من الأخبار مثل «استقبل فلان... وناقشا الاهتمامات المشتركة والعلاقات الودية بين البلدين»، «أرسل فلان رسالة لفلان، هنأه، وتناولت الرسالة الهموم الإقليمية المشتركة!»، تجعلنا نتساءل عن فائدة القارئ حين يعلم أن «فلاناً ناقش فلاناً» في مواضيع غير معروفة، أو أرسل له رسالة سرية! وما الإضافة التي نضيفها له؟

«وقعا اتفاقاً للتعاون الاقتصادي»، أي أحجية سخيفة قد يحاول رجال الأعمال تفكيكها من هذه العبارات! وكيف للحركة الاقتصادية بين البلدين أن تنشط، وهذا الاتفاق لا يعلن عن الفرص الاستثمارية الجديدة المتاحة.

«استقبل رئيس مجلس النواب السفير الفلاني»، «استقبل الوزير... النائب...»، لماذا تمت هذه الاجتماعات؟ وما مضامين النقاش؟ تبقى أسراراً عسكرية! أي «ملل» يحيط بالقارئ حين يقرأ كل يوم «زخماً» من هذه الأخبار «البليدة».

ليلة الأمس، كنت جالساً في المقهى... «من يهتم!»

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً