العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ

أطوار بهجت السامرائي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ما إن استفاق المسلمون من فاجعة تفجير مرقد العسكريين (ع)، وإذا بأصحاب الفتنة - من مختلف الفئات - يحاولون حرق العراق وحرق المساجد إلى درجة حرق عشرات المساجد كما تقول بعض التقارير الصحافية. وكان للزعيم الديني التاريخي السيدعلي السيستاني وغيره من علماء الشيعة والسنة في العراق الدور الأكبر في وأد الفتنة، كلما حاول البعض تأجيجها.

على أن الخبر المفجع الآخر هو اغتيال الصحافية أطوار بهجت السامرائي ومرافقيها على يد المجرمين الذين فجروا مرقد العسكريين.

«الوسط» كانت اتفقت منذ مطلع الشهر الجاري مع الشهيدة أطوار على إجراء مقابلات مع القادة السياسيين في العراق، وفعلاً نشرنا للشهيدة مقابلتين أجرتهما مع صالح المطلك وعمار الحكيم، وكنا في انتظار المزيد، ولكن يد البغي امتدت إليها قبل ان تكمل مشوارها الصحافي الذي يقدس الكلمة الحرة التي تأبى الانصياع إلى قوى الإرهاب والظلام.

الشهيدة أطوار ولدت في مطلع السبعينات (وليس العام 1976 كما أشارت إلى ذلك بعض التقارير)، وهي من أب سني (من مدينة سامراء) وأم شيعية، وكانت تعمل لدى قناة «الجزيرة» منذ العام 2003 حتى نهاية العام الماضي، وقد خرجت من القناة بسبب ما ورد على لسان أحد الأشخاص اثناء برنامج «الاتجاه المعاكس»، في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ هاجم شخص السيد السيستاني، وقد ضحت بوظيفتها لأنها اعتبرت أن الصحافي والمراسل والوسيلة الإعلامية يجب ألا يتورطوا (حتى لو كان من دون تخطيط) في الانحياز مع أو ضد طرف فاعل على الساحة السياسية العراقية. وبمجرد انتهاء عملها من «الجزيرة» كانت قناة «العربية» بانتظارها، إذ انضمت إليها وواصلت عملها بكل شجاعة.

قبيل استشهادها كانت تغطي الوضع في كركوك، لكنها سمعت بما جرى في مدينتها، فانطلقت لتغطي الخبر من موقع الحدث، ولتعلن على الملأ أن أهل سامراء ضد الاعتداء الإرهابي على مرقد العسكريين (ع). وهذا التصريح كلفها حياتها، لأن قوى الإرهاب كانت تقول إنها تحظى بمساندة الأهالي، ولذلك، تم استهدافها وقتلها عقاباً لها على قولها الحقيقة التي يجب على كل صحافي، حر وشريف، أن ينطق بها.

الشهيدة أطوار السامرائي فرضت نفسها بقوة على الساحة الإعلامية العراقية والعربية، وقدمت دمها في سبيل قول الحق. في الصحافة والمراسلة تميزت تقاريرها بلغة أدبية رفيعة، إذ إنها خريجة آداب من جامعة بغداد، وتكتب القصة ولديها مشروع رواية لم تنته منه بعد، وعملت في عدة مؤسسات إعلامية رائدة منذ أن كانت في عمر الزهور.

أطوار، بنت الرافدين، بنت دجلة والفرات، بنت السنة من أبيها، وبنت الشيعة من أمها... كانت تجمع بين النهرين اللذين أعطيا العراق حياتهما منذ عشرات الآلاف من السنين، وكانت تنطق بالحق من دون أن تنحاز إلى سنة أو شيعة، وكانت تخترق الصمت الذي حاول الإرهابيون فرضه على أرض العراق، وكانت في مقدمة الصف المناضل من أجل حرية الإنسان وانعتاقه من قوى الظلام. تغمد الله روحك في جنان الخلد يا بنت سامراء

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1268 - الجمعة 24 فبراير 2006م الموافق 25 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً