يفترض أن الأوروبيين يفضلون القوة الناعمة على القوة العسكرية، والمباحثات الطويلة عوضاً عن الحروب، والتهدئة عوض المواجهة. وباختصار ووفقا لما يقوله المحافظ الجديد روبرت كيغان فإن «الأميركيين من المريخ والأوروبيين من فينوس (الزهرة)».
وفي أي حال، على من لايزال يؤمن بهذه النظرية الهزلية في العلاقات الدولية مراقبة الاستقبال الذي أعد لوزير الخارجية الإيراني منوجهر متقي في بروكسل الاثنين الماضي.
وقبل أن تحط طائرة متقي أرض بلجيكا، قال النائب في البرلمان الأوروبي ستروان ستيفنسون: إن دعوة متقي إلى البرلمان «إهانة لنحو 120 ألف سياسي معارض لنظام الملالي». واتهم ستيفنسون، متقي بالضلوع في الهجمات الإرهابية والاغتيالات أثناء توليه منصب السفير الإيراني لدى تركيا في الثمانينات من القرن الماضي. وكان اللقاء الأول لمتقي في بروكسل مع وزير خارجية بلجيكا كارل دي غوشت الذي سارع إلى توجيه توبيخ إلى نظيره الإيراني. ووصف الأخير مزاعم الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بشأن المحرقة اليهودية بأنها «مثيرة للقرف» وأن ملاحظاته الأخيرة بشأن حق «إسرائيل» بالوجود «غير مقبولة». وأضاف أن إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن جاء في رد فعل على التصرفات الإيرانية.
وكانت المحطة الثانية لمتقي لدى المنسق الأعلى للشئون السياسية الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي يوصف عادة بهدوئه واتزانه، لكنه قال للصحافيين بعد الاجتماع الذي استغرق 90 دقيقة مع ضيفه الإيراني «عليهم أن يكونوا أكثر إيجابية».
وكان الموعد الأخير لمتقي مع لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الأوروبي. ولم يبذل جهدا لكي يلقى قبولا لدى النواب الأوروبيين، إذ قارن بين «إسرائيل» والعنصرية في جنوب إفريقيا محذرا من نشوب «صراع حضارات»، إذا استمرت الحكومات الغربية في استثارة المسلمين ونشر رسوم كاريكاترية مهينة.
وثار غضب النواب الأوروبيين ورفضوا المقارنة التي عبر عنها متقي بين «إسرائيل» وجنوب إفريقيا. وقال رئيس اللجنة ألمار بروك ان نيلسون مانديلا أصبح نموذجا يحتذى به بسبب أساليبه المسالمة وليس عبر دعوته لإبادة دولة.
ويعكس الاستقبال الفاتر لمتقي في بروكسل الموقف الأوروبي المتشدد تجاه النظام الإسلامي في طهران. وألمح الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى أن باريس ستكون على استعداد لاستعمال أسلحتها النووية ضد الدول التي ترعى الإرهاب.يجب تذكر أن هؤلاء الأشخاص هم الذين وصفوا «أكلة الجبنة» بسبب معارضتهم الحرب الأميركية على العراق. فحتى أن أنجيلا ميركل المقبلة حديثا إلى الساحة الدولية بدأت تفقد صبرها. وفي خطاب ألقته في وقت سابق من الشهر الجاري، قارنت النظام المتشدد في طهران بنشوء الحزب النازي الألماني، وقالت إن ألمانيا ليست على استعداد للقبول بإيران نووية.
يو بي آ
العدد 1266 - الأربعاء 22 فبراير 2006م الموافق 23 محرم 1427هـ