ذكر بيان عسكري أميركي أن انفجارا إرهابيا وقع أمس أدى لتدمير قبة مسجد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء العراقية، فيما تظاهر عشرات الآلاف من العراقيين احتجاجاً على الاعتداء. وأعلن المرجع الديني علي السيستاني الحداد 7 أيام فيما أعلنت الحكومة العراقية الحداد 3 أيام.
وقال أحد المسئولين في مركز صلاح الدين المشترك للتنسيق في المدينة إن مجموعة من المسلحين ارتدى أفرادها لباس الشرطة العراقية، دخلت إلى مزار الامام علي الهادي حوالي الساعة السابعة من صباح أمس بالتوقيت المحلي وزرعت المتفجرات تحت قبة المزار وفجرته ما أدى إلى انهيار القبة وتدمير المزار بكامله.
ووقع انفجاران بفارق ثلاث دقائق ما أدى إلى سقوط جزء من قبتي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري. وحسب معلومات الشرطة فإن المسلحين هاجموا مركزا للشرطة داخل الضريح قبل أن يفجروا القبتين ويلحقوا إضرارا بالغة بهما.
ويعد مرقدا الإمامين الحسن العسكري وعلي الهادي مزارين مهمين لدى الشيعة يفدون إليهما من كل مكان في العالم إضافة إلى شيعة العراق. وتظاهر عشرات الآلاف من العراقيين أمس في عدد من المدن العراقية للاحتجاج على الاعتداء. ففي مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية شرق بغداد، تجمع آلاف المتظاهرين الذين ارتدوا الملابس السوداء وحملوا صور الزعيم الشاب مقتدى الصدر ورايات إسلامية. ودعا احد قياديي التيار الصدري الشيخ هادي الدراجي في كلمة ألقاها، المتظاهرين إلى ان «يتصرفوا بحكمة وان تكون المظاهرة سلمية حتى نفوت الفرصة على أولئك الذين يريدون إثارة الفتنة في العراق». وحمّل «كل الجهات الحكومية والقوات المحتلة مسئولية كل الخروقات التي تحصل في العراق»، داعيا إلى «إصدار قانون لحماية جميع المراقد المقدسة». من جانبه، أكد الشيخ فاضل الشرع من التيار الصدري أن «الاعتداء على هذا الضريح هو اعتداء على الدين والرسول والأنبياء أجمعين». وأوضح ان «من قام بهذا الاعتداء هي الزمر الإرهابية نفسها التي سبق ان اعتدت على الكنائس المسيحية من أجل إشعال نار الفتنة».
وفي الكوت (175 كلم جنوب بغداد)، شارك الآلاف من أهالي المدينة في تظاهرة نظمتها الأحزاب السياسية استنكارا للاعتداء. وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا أمام مبنى المحافظة في وسط المدينة «الله اكبر» و«كلا كلا للإرهاب».
ورفع المتظاهرون صوراً للمرجعيات الدينية وأعلاما عراقية ورايات إسلامية.
وقال أحد المشاركين في التظاهرة رافضا الكشف عن هويته «على الجميع ان يدرك أن هذه الأعمال تسعى إلى تجزئة العراق وتفرقة العراقيين».
وفي الحلة (100 كلم جنوب بغداد)، نظمت الأحزاب الشيعية تظاهرة شارك فيها الآلاف من الشيعة رفعوا الأعلام العراقية ورايات إسلامية. وقال ثائر الموسوي احد مقلدي السيستاني وهو يهتف مع حشود المتظاهرين «الله اكبر»، ان «الاعتداء على مرقد الإمام علي الهادي محاولة مريضة لاستهداف الشعب العراقي وجزء مكمل لقضية الرسوم التي اساءت إلى النبي محمد».
وفي الناصرية (375 كلم جنوب بغداد)، تجمع المئات من الأهالي وسط المدينة رافعين أعلاماً عراقية ورايات اسلامية فيما هتفوا «الله اكبر» و«كلا كلا للإرهاب».
وفي بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)، أقيمت تظاهرة شاركت فيها جميع الطوائف الشيعية والسنية وسط هتافات تتحدى مساعي التفرقة بين العراقيين «لا سنية ولا شيعية وحدة وحدة إسلامية''. وقال محمد ياسين (41 عاما) ان ''ما يحدث هو محاولة لإشعال نار الحرب بين العراقيين وتفرقتهم وسنقف ضد محاولات الأشرار ان شاء الله».
وظهر المرجع الديني علي السيستاني في لقاء تلفزيوني مع مراجع آخرين أمس في ظهور يكاد يكون غير مسبوق له بعد الهجوم .وصورت محطة تلفزيون الفرات التي يديرها حزب سياسي شيعي السيستاني يحيط به ثلاثة من كبار العلماء في مدينة النجف المقدسة بعد أن دعا للاحتجاج مع ضبط النفس عقب الهجوم. ولم يكن هناك صوت مصاحب للصورة في البث.وهذه أول لقطات تلفزيونية تصور السيستاني منذ عرض تسجيل فيديو بعد أن أجريت له جراحة في بريطانيا في آخر العام 2004.
وفي وقت سابق دعا السيستاني إلى احتجاجات وأعلن الحداد سبعة أيام. وشدد السيستاني في بيان على تفادي العنف وعلى عدم القيام بعمليات انتقامية تستهدف المساجد السنية.
من جانبه أعلن رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري الحداد ثلاثة أيام بعد التفجير. ووصف الجعفري في كلمة نقلها التلفزيون على الهواء مباشرة الهجوم بأنه هجوم على كل المسلمين. إلى ذلك قال الرئيس العراقي جلال الطالباني ان توقيت الهجوم على المرقدين يهدف إلى تعطيل العملية السياسية وعرقلة مسيرة المفاوضات الرامية إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ذكرت مصادر لبنانية أن الزعيم الشاب مقتدى الصدر قطع زيارته للبنان وقرر العودة إلى العراق بعد الاعتداء. ودعا الصدر العراقيين إلى «ضبط النفس وعدم مهاجمة المساجد السنية».
أكد مسئولون سنة أمس وقوع 29 اعتداء على مساجد سنية في عموم العراق بعد الهجوم الذي تعرض له مرقد الامامين في سامراء وطالبوا «بإعلان حظر التجوال من أجل وقف الفتنة. وقال الامين العام للحزب الاسلامي العراقي الذي يعد أحد اكبر الأحزاب السنية طارق الهاشمي في مؤتمر صحافي في بغداد» حتى الآن تم الاعتداء على 29 مسجد ما بين اعتداء مسلح أو حرق أو احتلال أو استخدام شتى أنواع الأسلحة». واضاف ان «الحزب يعتبر هذه الاعتداءات جرائم تاريخية لا بد من التصدي لها قبل فوات الأوان». وتابع الهاشمي «اننا ندعو الى ضبط النفس في فتنة لا غالب فيها ولا مغلوب». واعتبر ان «هناك مؤامرة دبرت لهذا الشعب المظلوم ولا بد ان يتعاون الجميع للخروج من هذه المحنة». ووجه الدعوة «للمرجعيات من اجل ان تقف وقفة مسئولة هذا اليوم(أمس) في هذا الموقف الصعب». كما أدانت هيئة علماء المسلمين السنية بالعراق بشدة استهداف المرقدين وقالت نستنكر هذا العمل الاجرامي المشبوة الذي يراد منة الفتنة والإثارة المشكوفة في هذا الظرف الحساس.
أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله السيدعلي خامنئي أمس الحداد 7 أيام بعد الاعتداء على ضريحي الإمامين. ونقلت الصحف الإيرانية عنه قوله «إنها جريمة سياسية يمكن نسبها إلى أجهزة الاستخبارات الصهيونية وقوات الاحتلال في العراق». ودعا الشيعة في العراق إلى عدم الاعتداء على المساجد السنية «لقطع الطريق امام أعداء الإسلام».
وقد لقي الهجوم على المرقدين إدانة دولية واسعة أمس. دانت فرنسا وبريطانيا والأردن وإيران ولبنان ودول أخرى كثيرة الاعتداء، ودعت العراقيين إلى وضع حد لاعمال العنف الطائفية. استنكر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الحادث.
ندد البيت الأبيض أمس بالاعتداء وعرض مساعدة الولايات المتحدة للعثور على الجناة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان «إن الولايات المتحدة تدين باشد العبارات هذا العمل الجبان. ان الإرهابيين يثبتون باستمرار انهم أعداء كل الديانات والبشرية». وأضاف «نحض جميع العراقيين على ضبط النفس بعد هذه المأساة والسعي لاحقاق حقهم في إطار احترام القوانين والدستور العراقي. إن العنف لا يمكن إلا أن يساهم في تحقيق ما يسعى اليه الإرهابيون».
وقال ماكليلان «إن الولايات المتحدة على استعداد دائما للقيام بكل ما في وسعها لمساعدة الحكومة العراقية على معرفة المسئولين عن هذا الهجوم المروع والوحشي ومحاكمتهم».
مزار القبة الذهبية هو واحد من بين أربعة مزارات رئيسية يقدسها الشيعة في العراق. والمزارات الأخرى الرئيسية موجودة في النجف وكربلاء وحي الكاظمية ببغداد.
- يضم المزار ضريحي الإمامين علي الهادي الذي توفي العام 868 ميلادية وابنه الحسن العسكري الإمام الحادي العشر الذي توفي العام 874 ميلادية.
- يعتقد المسلمون الشيعة أن المهدي الإمام الثاني عشر اختفى من قبو في هذا المزار العام 878 ميلادية. ويقولون انه سيعود قبل يوم القيامة لإعادة العدل إلى عالم مليء بالظلم.
- استعادت قوات الكوماندوس العراقية المزار من مسلحين خلال الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على سامراء في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2004.
- انتهى العمل في قبة المزار العام 1905 وتغطيها 72 ألف قطعة ذهبية. ويبلغ اتساعها نحو 20 متراً ومحيطها 68 متراً لتصبح واحدة من أكبر القباب في العالم الإسلامي. ويبلغ ارتفاع كل من مئذنتي المزار 36 متراً طبقا للمعلومات التي وردت في موسوعة الشرق وموقع أطلس تورز على الانترنت
العدد 1266 - الأربعاء 22 فبراير 2006م الموافق 23 محرم 1427هـ