القرار الأميركي والغربي بفرض عقوبات مالية واقتصادية على حركة «حماس» الإسلامية الفلسطينية عقب فوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة يبدو من الوهلة الأولى انه نتيجة الشعور بالصدمة من الفوز الساحق الذي حققته، لكن في حقيقة الأمر لم تكن المسألة مفاجئة بل محسوبة من قبل واشنطن على وجه الخصوص ويأتي الأمر في إطار استراتيجية مرسومة تشمل المنطقة كلها.
الولايات المتحدة ترغب حسب توجهاتها المستقبلية للمنطقة في تولي تيارات إسلامية للسلطة باعتبار أنها الخيار الأنسب لتحقيق إصلاحاتها المزعومة. لم تكن أميركا تجهل حقيقة الصراع الدائر داخل حركة «فتح» الفلسطينية والشلل والترهل الذي أصاب السلطة الفلسطينية وقد أصبح ذلك ملحوظا في حركات الفلتان الأمني التي شهدتها الأراضي الفلسطينية في الفترة الأخيرة من قبل عناصر «فتح».
تعلم الولايات المتحدة جيداً حجم السند والرصيد الشعبي الذي تملكه «حماس» لذا قامت بطريق غير مباشر بدعمها للوصول إلى السلطة وكان ذلك عن طريق إظهار عكس ما ترغب بدعمها المكشوف لمرشحي «فتح» ما كان له الأثر السلبي على الناخب الفلسطيني بل وحتى المراقب العربي.
إذ يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: لماذا تعادي أميركا إذاً «حماس» إذ كانت ترغب ضمنا في وصولها للسلطة؟ نعم الضغط الحالي على «حماس» يهدف ليس لإبعادها عن السلطة وإنما تطويعها حتى «تمشي على العجين ما تلخبطوش»، والمرام الأول الابتعاد عن العمل المسلح وإيقاف العمليات الاستشهادية وانتهاج سياسة مرنة تقبل بما تم التوصل إليه من خطوات بهدف تحقيق السلام المنشود على الطريقة الأميركية والإسرائيلية.
«حماس» ستجد نفسها مرغمة عقب توليها السلطة بالقبول بالأمر الواقع والبديل بالطبع هو الحرب، ولكي لا تقع «حماس» وتترك فريسة للضغوط الغربية يجب على الدول العربية والإسلامية أن تمد لها يد العون وان تسد النقص الذي سينجم عن وقف المعونات حتى تستطيع أن تملك قرارها وتواصل مسيرة التحرير السلمية إذا رغبت من منطلق القوة وليس الضعف
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ