في الوقت الذي تبدو فيه الأجواء داخل الجمعيات السياسية مشحونة بحراك غير مسبوق، خصوصاً تلك التي قررت خوض غمار التجربة البرلمانية بعد عملية مخاض عسير خرجت منها بقرار شبه حاسم للمشاركة. ويشوب ساحة الجمعيات غموض في بعض التحركات التي يعتقد البعض أنها تتخذ وتطرح على الجمهور من دون اللجوء إلى عملية التثقيف والتحشيد الواعي نحو القضايا التي تتبناها الجمعيات السياسية.
دعونا نطرح في هذه العجالة مجموعة من الأمثلة؛ فالجمعيات التي طرحت خيار المقاطعة للانتخابات النيابية، استغلت بشكل كبير عواطف الناس الجياشة في تلكم الفترة وقادت الحراك نحو مقاطعة الانتخابات، وخير دليل أن مجموعة كبيرة من هؤلاء الناس ألقوا بالملامة على الجمعيات لعدم دخولها البرلمان ومحاولة التغيير من الداخل بل التفرج من الخارج، لأنها أصبحت كما أسماها بعض النقاد بالعصفور الذي تخلى عن جناحيه وعاش في موطن كان عليه ألا يرضى به.
نحن نتحدث عن أزمة في التنمية الثقافية، فلماذا تستغل بعض الجهات عواطف الناس الجياشة؟ ولماذا يلجأ البعض إلى دغدغة مشاعر الناس وسوقهم نحو أطروحاتهم؟
ولعل هذه الثقافة موجودة حتى في أوساط مؤسسات المجتمع ككل، بدءًا بالمنزل... وحدّث ولا حرج! ولعل الإشكال الذي لم تضعه هذه المؤسسات هو أن عواطف الناس التي كانت في وقت من الأوقات جياشة، هي مجرد بالونات مؤقتة تختفي بمجرد وخزها ويتناثر هواها في الأرجاء وتعود إلى هيئتها الأولى وعندها ستكون مؤسسات المجتمع هي الملامة فيما يجري.
إننا لا نعارض أن تطرح الجمعيات أو المؤسسات أطروحاتها، وتقدم مرئياتها ووجهات نظرها، ولكننا ندعو إلى طرح هذه الرؤى على الجمهور وتبني سياسة الشراكة في العمل، خصوصاً العمل السياسي الذي من المؤمل أن يأتي أكله على المدى القريب.
ونحن بحاجة إلى تنمية الذات التي تحولت بحكم الظروف التي مرت بها المنطقة إلى ذات تتلقى التوجيهات ولا تسهم في العطاءات، ولا تشارك في العمل السياسي، ولكن المؤشرات تدلل على أننا أمام مرحلة انتقالية، والأهم من ذلك هو كيفية توجيه هذه المرحلة نحو السكة الصحيحة
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ