دعت إدارة الهندسة الزراعية بوزارة شئون البلديات والزراعة المزارعين إلى التعاون معها لإيصال المياه المعالجة إلى داخل مزارعهم مجاناً قبل ان تنتهي مناقصات وأعمال المرحلة الثانية من مشروع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها البالغ كلفتها 55 مليون دينار (أي نحو 145 مليون دولار أميركي).
وقال مدير إدارة الهندسة الزراعية بوزارة شئون البلديات والزراعة أحمد المدني: «بعد نجاح المرحلة الأولى من المشروع والذي تم تنفيذه في العام 1986 لري أجزاء من الأراضي الزراعية في البلاد تقدر مساحتها بنحو 650 هكتاراً في مناطق عذاري وبوري وبعض الأراضي الزراعية التابعة للدولة والواقعة في مناطق هورة عالي والبحير، إضافة إلى مشروعات تشجير بعض الشوارع الرئيسية، فقد تم التوجه نحو تنفيذ المرحلة الثانية من هذا المشروع بهدف توفير المياه المعالجة للري كمصدر بديل للمياه الجوفية المتدهورة من خلال زيادة الكمية المتاحة من هذه المياه من 15 مليون متر مكعب كانت تنتج في المرحلة الأولى إلى 73 مليون متر مكعب في السنة بعد انتهاء المرحلة الثانية، وزيادة مساحة الأراضي الزراعية من 650 هكتاراً إلى نحو 3000 هكتار، وذلك بتوصيل هذه المياه إلى المزارع الواقعة في المنطقتين الغربية والشمالية من البلاد، وهما المنطقتان الزراعيتان الرئيسيتان في المملكة، مع التوسع في عملية تشجير الشوارع الرئيسية».
وأضاف أن المشروع سيعين المزارع البحريني على زيادة قدرته الانتاجية وإنتاج اصناف زراعية ذات قيمة عالية وجدوى اقتصادية تمكنه من تنمية وتطوير وضعه وتحسين ظروفه المعيشية.
ورأى أن المياه المعالجة التي سيوفرها المشروع للمزارع ستساعد في عملية استصلاح الأراضي المتدهورة من خلال غسل التربة من الاملاح المتراكمة فيها وتحسين جودتها، إذ إن ريها بالمياه المعالجة والتي تقل في ملوحتها بشكل ملحوظ عن غالبية مياه الآبار الجوفية في البلاد والتي ارتفعت ملوحتها بشكل كبير في السنوات الماضية سيساعد بشكل كبير في ذلك، عكس ري الأراضي الزراعية بالمياه الجوفية المتملحة والتي أدت إلى تدهور غالبية الأراضي الزراعية في البلاد، إذ يقوم غالبية المزارعين المستخدمين للمياه الجوفية المتملحة بممارسة حلقة مهلكة للأراضي الزراعية من خلال ريهم لأراضيهم بكميات كبيرة من المياه لخفض تأثير الملوحة المتزايد في المياه والتربة على المحاصيل الزراعية، إلاّ أن ذلك يؤثر سلباً على التربة الزراعية من خلال زيادة الترسبات الملحية في التربة وبالتالي زيادة تدهور هذه الأراضي وضعف قدرتها الانتاجية إضافة إلى ارتفاع تملح المياه الجوفية لزيادة السحب بمعدلات تزيد عن القدرة الانتاجية للخزانات الجوفية، ولا تتوقف هذه الحلقة إلاّ مع ترك الأرض بوراً لا تصلح للانتاج الزراعي، وبالتالي خلق مزيد من التحديات الصعبة لدى المزارع.
وذكر ان المشروع يهدف إلى المحافظة على المياه الجوفية، ووقف التدهور المستمر لهذا المورد الطبيعي، وتحسين المخزون المائي الجوفي إضافة إلى المحافظة على الرقعة الزراعية في المملكة.
وأكد أن المشروع يهدف إلى ضمان استمرارية النشاط والعمل الزراعي بشكل فعال مع زيادة الانتاج المحلي، والمساهمة في نشر الخضرة والتشجير في أرجاء مملكة البحرين، وخلق ظروف بيئية أفضل وحماية البيئة من التلوث بمياه الصرف الصحي غير المعالجة والتي كانت تصرف إلى خليج توبلي مسببة مصدراً مزعجاً. وأضاف «حصلت الادارة على تجاوب نحو 400 مالك للأراضي الزراعية من أصل حوالي 600 مزرعة في المنطقتين الشمالية والغربية والذين أبدوا استعدادهم ورغبتهم لتزويدهم بالمياه المعالجة، من خلال توقيعهم اتفاقاً خاصاً بتزويد هذه المياه مع هذه الإدارة».
وأوضح أن هناك بعض الملاك الذين لم يتجاوبوا مع هذه الادارة رافضين توقيع هذا الاتفاق والذي هو ضروري للسماح ببدء أعمال توصيل المياه إلى داخل المزارع. وأضاف أن عملية مد انابيب المياه المعالجة إلى داخل المزارع جاءت كخدمة مجانية مقدمة من الدولة لدعم وتشجيع المزارعين على استخدام هذه المياه ودعم القطاع الزراعي في البلاد على رغم كلفتها الكبيرة.
وقال «إن الادارة تتمنى ان يتجاوب باقي ملاك الأراضي الزراعية معها إذ إنه لا يمكنها إيصال المياه المعالجة لداخل المزارع ما لم يوافقوا ويبدوا تعاونهم معها».
ودعا المزارعين الذين لم يقوموا بالانتهاء من إجراءات توقيع هذا الاتفاق إلى سرعة الاستجابة لنداءات الإدارة للحصول على موافقتهم على تغذية مزارعهم بالمياه المعالجة، قبل ان تنتهي مناقصات وأعمال المشروع، إذ إن المطالب التي ستقدم بعد انتهائها ستكون صعبة، لأن المشروع سيكون قد استكمل والموازنة المخصصة لها تكون قد نفدت، وحصص المياه المعالجة المقررة لتلك المزارع قد تكون تم توظيفها في مكان آخر لعدم تجاوبهم. وقال: «على المزارعين وملاك الأراضي الزراعية استغلال هذه الفرصة فوراً وقبل انتهاء المشروع والذي هو في مرحلته الأخيرة». وعن أسباب عدم توقيع بعض ملاك الأراضي اتفاقات تزويد المياه المعالجة قال: «إن الادارة قامت باتصالات واسعة مع ملاك الأراضي الزراعية، والرفض غالباً ما قد يكون لتوجه بعض الملاك لاستغلال أراضيهم لأغراض غير زراعية سواء بالتقسيم أو البناء، ويدخل في هذا النطاق أراضي الورثة الذين يريدون تقسيم أراضيهم وأخذ نصيبهم من الورث». وأضاف «أن تصنيف الأرض في مخططات الدولة لن يتغير سواء وقع المالك الاتفاق او لم يوقع، إذ إن التصنيف موجود قبل مشروع توصيل المياه المعالجة وبعده، وتغييره يرجع إلى قوانين وأنظمة ومخططات الدولة، وليس للمشروع دخل في التصنيف، وعلى المزارعين إدراك هذه الحقيقة وعدم التخوف من المشروع الذي ليس له علاقة بمخاوفهم».
وأوضح أن الاتفاق يتضمن اشتراطات عامة تتعلق بكمية المياه اللازمة للري، وتركيب المجمع الخرساني الذي يحتوي على معدات الري، والمحافظة على شبكات الري، وتوصيات باستخدام طرق ري حديثة، إضافة إلى عدم إساءة استخدام هذه المياه وتحديداً لغير أغراض الري كالسباحة وغسل السيارات أو أي استخدامات لا تدخل ضمن نطاق الري».
وقال: «الاتفاق في نهاية المطاف هو في صالح المزارع نفسه، لاستخدام المياه في مكانها الصحيح والاستفادة منها قدر الامكان وتوظيفها بالشكل الأمثل في زراعة الأرض». وأشار إلى ان الدولة توجهت في السنوات الأخيرة للحفاظ على المياه الجوفية مع المحافظة على الرقعة الزراعية في البلاد، وخصوصاً مع التدهور الكبير في الاراضي الزراعية والتقلص الشديد في الغطاء النباتي نتيجة استنزاف المياه الجوفية وتملحها وعدم صلاحيتها لري المزروعات ما أدى إلى إعلان الدولة عن هذا المشروع المهم لتغذية المناطق الزراعية بالمياه المعالجة كخدمة مجانية للمزارعين، وليس المطلوب من ملاك هذه الأراضي سوى التعاون معنا من خلال توقيعهم الاتفاق المذكور».
وأكد أن شئون الزراعة سعت في رؤيتها عند بدء العمل في المشروع إلى إدراج توصيل المياه المعالجة إلى داخل المزارع ضمن خطة المشروع، وهو ما لم يكن مدرجاً في المخطط الأصلي للمشروع، وذلك تسهيلاً وتشجيعاً لاستخدام هذه المياه وسعياً لانجاح أهداف هذا المشروع.
وأوضح أن المشروع الاساسي كان يتضمن مد أنابيب المياه إلى حدود المزارع فقط، من دون التوصيل إلى داخل المزارع بحيث يقوم المزارع بنفسه بمد الأنابيب إلى داخل المزرعة، وهذا الأمر قد يكون مكلفاً لبعض المزارعين.
وقال: «لهذا السبب قامت الدولة بالموافقة على إدراج إيصال المياه إلى داخل المزارع ضمن المشروع وعدم تحميل المزارع كلفة مد أنابيب المياه بهدف تشجيعه على استخدام المياه المعالجة في الري ودعماً له لممارسة النشاط الزراعي والاستمرار فيه وزيادة إنتاجه وبالتالي زيادة الرقعة الزراعية الخضراء أو المحافظة عليها على أقل تقدير». وأضاف «كما ان ذلك سيحد من استخدام المياه الجوفية التي تسعى الدولة لتحسينها والحفاظ عليها من التدهور المستمر بسبب الاستهلاك الكبير للقطاع الزراعي لها المقدر بنحو 70 في المئة من إجمالي استهلاك كل القطاعات، وفي الوقت نفسه الاستفادة من مياه الصرف الصحي من خلال إعادة استخدامها بعد معالجتها في الري، بدلاً من تصريف مياه الصرف الصحي إلى البحر دون معالجتها وبالتالي تكون مصدراً للتلوث وتلحق الضرر بالبيئة البحرية».
وأكد أن المياه المعالجة المنتجة ذات نوعية عالية وآمنة للاستخدام الزراعي، بل هي أفضل جودة من المياه الجوفية لأغراض الري وتحديداً من حيث انخفاض ملوحتها واحتوائها على مكونات مغذية مفيدة للمزروعات والتربة.
وتوقع أنه مع استكمال الأعمال الانشائية بالمشروع والتي تقوم بها وزارة الأشغال والاسكان، وأيضاً باستمرار أعمال التوسعة الشاملة في شبكات الصرف الصحي والتي سترفع من معدلات المياه الداخلة إلى المحطة، أن تستمر الزيادة التدريجية في الكمية المنتجة لتصل إلى نحو 200 ألف متر مكعب من المياه المعالجة يومياً، وسيتم توزيع هذه الكمية على الأراضي الزراعية إضافة إلى تزويد شئون البلديات بهذه المياه لري مشروعات تشجير بعض الشوارع الرئيسية والميادين وغيرها لتغطي في النهاية مساحة إجمالية تصل إلى نحو 4 آلاف هكتار.
وقال: «ان المشروع استهدف رفع الطاقة الانتاجية لمحطة المعالجة من 40 ألف متر مكعب يومياً إلى 200 ألف متر مكعب يومياً، وستكون هذه الزيادة تدريجية إلى أن تصل إلى الطاقة القصوى لها بحلول العام 2011».
وأضاف أن المياه المعالجة ستوفر كميات ضخمة من المياه اللازمة لري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وفي الوقت ذاته ستحل محل المياه الجوفية لتوفير قدر كبير من المياه المستهلكة منها حالياً في الري.
وعن نظام التوزيع اشار إلى أن نظام توزيع المياه متقدم يتم عبر محطات ضخ متطورة تضخ المياه من الخزانات وتوزعها للمزارع، موضحاً ان كل مزرعة يكون فيها نقاط توصيل أو مجمعات خرسانية لتوصيل المياه ت
العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ