على رغم تعالي الأصوات بضرورة إغلاق المعتقل سيىء الصيت «غوانتنامو»، إلا أن الولايات المتحدة وكعادتها تصر على التماطل في الإبقاء عليه، وبررت ذلك أنها بحاجة للمعتقل كأداة ردع في حربها على الإرهاب وحماية الأمن القومي.
وفي الواقع كل ما ذهبت إليه المسوغات الأميركية باطل، فالمعسكر الذي يضم 500 سجين أثبت بما لا يدعو مجالا للشك أن من بين هؤلاء 16 فقط يعتبرون مشتبه بهم خطرين وفقاً لوجهة النظر الأميركية القاصرة دائما وأن نحو 120 منهم ربما ينتمون لـ «القاعدة» (وفقا لذات الرؤية) من دون أن يكونوا ارتكبوا جرائم و ليس لهم أهمية استخباراتية. أما الغالبية المتبقية فهم من الأبرياء الذين قبض عليهم لمجرد أن وجودهم في باكستان أو أفغانستان تصادف مع غزو الأخيرة. وحتى لو افترضنا أنهم جميعا مجرمون فإن من حقهم أن يقدموا إلى محاكمة عادلة يحصلون فيها على محامين يدافعون عنهم.
لكن على عكس ما ترجوه واشنطن من المعسكر فقد أصبح نذير شؤم لها في الحرب الدعائية لتحسين صورتها في العالم بل وسيظل غوانتنامو رمزا لازمة الضمير الإنساني على مر العصور والأجيال ومثالاً لازدواجية المعايير في التعامل مع اتفاقات حقوق الإنسان وبالتالي سيحط من مكانة الأميركيين بين الأمم. وقد بدا هذا جليا الآن، إذ لا توجد مبادرة للولايات المتحدة تجاه الأزمة العالمية التي سببتها الرسوم الأوروبية المسيئة للمسلمين، من منطلق أنها دولة عظمى، والسبب ببساطة أن غوانتنامو سلبها القيم الحضارية والأخلاقية.
وبما أن الرجوع إلى الحق فضيلة فإن الحل يكمن في عودة الإدارة الأميركية إلى رشدها وإكمال الخطوة التي بدأتها بتسليم المعتقلين إلى دولهم الأصلية لكي تفعل بهم ما تشاء. أما إذا ما استمر العناد الأميركي بالإبقاء عليهم فان السجن المشؤم سينهار أيضا آجلا وذلك عندما تنتهي ولاية بوش بعد عامين أي في بداية 2009 وخروج الوزير «الأعجوبة» المسئول المباشر عن هذه القضية دونالد رامسفيلد من السلطة صاغرا يطارده عار الإنسانية في كل مكان.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1263 - الأحد 19 فبراير 2006م الموافق 20 محرم 1427هـ