العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ

نحو التمكين السياسي للمرأة... والرجل

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

«لا يمكننا التأكد من أن النساء يمكن أن يصنعن فارقاً في القرارات السياسية عن الرجال، ولكن لو كان هناك عدد كاف منهن في مواقع القرار السياسي لتمكن من التأثير في كل من العملية والبيئة اللتين تؤثران بدورهما على اتخاذ هذا القرار».

هذه العبارة جاءت على لسان أول سفيرة «امرأة» للولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة جيني كيركباتريك، التي شغلت هذا المنصب بين عامي 1981 و1985.

وربما يرى البعض أن وصول المرأة إلى قبة البرلمان لا يشكل أي تغيير أو أهمية على المستوى السياسي، فالمجال السياسي قائم بشكل فعلي، وله من اللاعبين السياسيين صولات وجولات كثيرة، ويكفيه من المشكلات ما يتكبده الرجال من مشقة في معافرة القوانين والإمساك بخيوط اللعبة السياسية، وسواء دخلت المرأة المعترك السياسي، أم لم تدخله، فهو أمر ثانوي لا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل الذي يقوم به السياسيون.

وهي نظرة تبدو منطقية وعقلانية من وجهة النظر السياسية، فالمهم هو أن يستمر العمل السياسي للدولة قائماً وفاعلاً، وقادراً على التغيير، في الشأن الذي يهم الرجال والنساء.

ضمن هذا الطرح، يبدو موضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية واهياً و غير ذي أولوية، فهل ستشكل مشاركتها أي فارق «على المستوى السياسي»؟ هل سيتغير وضع ما بمشاركتها أم لا؟

هذه الأسئلة وغيرها، أسئلة جدلية طرحت وتطرح باستمرار في جميع دول العالم، منذ حركات التحرر التي قادتها المرأة وسعت فيها إلى الحصول على حقوقها الإنسانية والسياسية، حتى وقتنا الحاضر.

ولم تتمكن كيركباتريك من الإجابة عن هذه الأسئلة، ولا أظن أن لها جواباً فعلياً، إذ ان المرأة تشكل نصف المجتمع الذي يعتبر الرجل نصفه الآخر، وهي بالضرورة تحمل العيوب التي يحملها الرجل لأنها تعيش معه في مجتمع واحد، ولو وصلت المرأة إلى البرلمان، فربما لا يضيف هذا الأمر شيئاً إلى العمل السياسي في ذاك المجتمع.

ويمكننا أن نسقط هذه المفاهيم والأفكار على إشكالية مشاركة المرأة السياسية في البحرين، وتمكينها السياسي من عدمه. ماذا ستضيف المرأة إلى العمل السياسي، وكيف ستشكل إضافتها فارقاَ على المستوى السياسي؟

للإنصاف، ربما لا تضيف المرأة شيئاً جديداً إلى العمل السياسي، ولا تشكل قراراتها فارقاً حقيقياً، الفرق الوحيد الذي ستشكله، أنها عضو في هذا البلد، وتمثل قطاعاً كبير العدد، قليل التأثير في العملية السياسية، ألا وهو النساء. ولذلك، تخصصت النائبات (النساء) في مجلس الشورى البحريني، وفي غالبية المجالس التشريعية في دول العالم، في رئاسة اللجان الخاصة بالمرأة والطفل، لأنها تمثلها وتفهمها، وتستطيع أن تخلق تغييراً فاعلاً فيها.

فإذاً، تمثيل المرأة في البرلمان، يأتي لتلبية احتياجات المرأة في المجتمع فقط، المرأة التي من الصعب أن يتفهم احتياجاتها ويدافع عنها الرجل. فالأمر ليس سياسياً بالفعل، أي أن وجود المرأة في البرلمان ربما لا يشكل فارقاً حقيقياً لسياسة وتشريعات الدولة، بل سيشكل فارقاً لدى المرأة نفسها، في التشريعات التي تحميها، وتدافع عنها.

السؤال الأهم هو أن المرأة هي نصف مجتمع متفاعل بين أفراده، فكيف نفصل قضايا المجتمع إلى نصفين؟ نصف يهم الرجال ، ونصف يهم النساء. وهل من المجدي أن نقوم بهذه القسمة، وهل هي عادلة أصلاً؟. كثير من الأمور التي تهم الرجال، تهم النساء أيضاً لأنهم جميعاً في مركب واحد. موضوع البطالة مثلاً، مشكلات التعليم، الإسكان، الصحة، الفساد الإداري، ملفات سياسية ساخنة جداً تطرح على الساحة السياسية بين حين وآخر، هل تهم الرجال من دون النساء، هل يجب أن يتخصص فيها أحد من دون الآخر.

في المقابل، قانون الأحوال الشخصية، بما عليه من ملابسات وإشكالات، وبما اعتبر من شأن «نسائي» صرف على اعتبار أن المرأة هي الطرف «الضحية» فيه، هل هو فعلاً شأن نسائي، هل يهم النساء من دون الرجال في هذا المجتمع؟

الإجابة على هذه الأسئلة تحدد بالضبط ماذا «نريد من المرأة» عندما تصل لقبة البرلمان»، وربما تحدد أيضاً ماذا نريد من الرجل عندما يصل؟، لأنهما معاً في خندق واحد.

من هنا، هل من الضروري أن تصل المرأة إلى البرلمان في البحرين، هل يجب أن تكون ممثلا للشعب وتدخل المعترك السياسي؟

والمنطق يقول مرة أخرى، ان الرجل لو تمكن من تمثيل المرأة في قبة البرلمان، والدفاع عن حقوقها كأحسن ما يكون الدفاع وهو ممثل الشعب كافة، فلا داعي أن تصل المرأة إلى البرلمان، فقد حصلت المرأة على ما تريده ، ولا داعي «للبهرجة السياسية».

ولكن هل استطاع النائب الرجل (في البحرين تحديداً) أن يمثل المرأة ويدافع عن حقوقها - وهي نصف دائرته الانتخابية - كأحسن ما يكون الدفاع؟ هل استطاع النائب الرجل أصلا أن يمثل أخاه الرجل ويدافع عن حقوقه السياسية كأحسن ما يكون الدفاع؟

مرة أخرى، الإجابة عن هذه الأسئلة هي التي تحدد بالضبط ماذا نريد من النائب، رجلاً كان أو امرأة، من الضروري أن يصل النائب الذي يمثل الشعب، ويريد أن يخدمه، رجلاً كان أو أمرأة، لا فرق. إنه صوت المرأة، والرجل في هذا المجتمع على حد سواء

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً