اتفاق التجارة الحرة بين البحرين وأميركا أصبح قانونا مصدقاً عليه في البلدين، والسؤال هو عن مدى استفادة البحرين بصورة فعلية من الاتفاق. فالاتفاق ذاته جرى بين أميركا والمغرب، ولكن لم يتم تنفيذه بالصورة المرجوة لأن مسألة التنفيذ لها شروطها وآلياتها.
وفي البحرين، أنشأ مجلس التنمية الاقتصادية هذا الشهر لجنة لمتابعة تنفيذ اتفاق التجارة الحرة، وسلمت رئاسة اللجنة إلى القطاع الخاص، في شخص رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام فخرو، وستقوم اللجنة في 27 من الشهر الجاري بتنظيم اجتماع بين عدد من الشركات والمستثمرين الأميركان والبحرينيين بهدف النظر في الفرص التي يمكن الاستفادة منها بعد التصديق على اتفاق التجارة الحرة.
لقد أصبح القطاع الخاص جزءاً رئيسياً في تحريك السياسات الاقتصادية، وقد اشترك عدد من كبار أصحاب الأعمال في الزيارة التي قام بها سمو رئيس الوزراء الأسبوع الماضي إلى تركيا وجرى خلالها توقيع اتفاقات للتعاون الاقتصادي، وهذه بحد ذاتها قد تمهد الطريق لاتفاق تجارة حرة بين البلدين مستقبلا.
إننا نعيش في عصر التجارة الحرة، ولكن الفائدة بالنسبة إلينا في البحرين قد تكون معدومة ما لم تتحرك الحكومة والقطاع الخاص في اتجاه واحد ومنسق. فالبحرين حالياً تفسح المجال للخليجيين بأن يستثمروا ويشتروا العقارات من أجل السكن أو النشاط التجاري من دون أية قيود، ولكن البحرينيين لا يستطيعون القيام بالعمل ذاته في دول الخليج. وهذا يعني أن التجارة ليست حرة فيما بيننا في دول الخليج على رغم كل التصريحات والنداءات والادعاءات.
ولعلنا قد نصاب بالداء نفسه إذا لم ننتبه، بحيث لا ينتابنا من تصديق اتفاق التجارة الحرة سوى التصريحات والدعاية السياسية، ولكن على أرض الواقع لا يتغير شيء. فمن المفترض أن تنخفض أسعار المنتجات الأميركية التي تمتلئ بها رفوف الأسواق، ومن المفترض أن نستقطب مصانع وشركات أجنبية تود أن تتخذ من البحرين منطلقا لكي تصل إلى السوق الأميركية، إلخ.
إن تفعيل اتفاق التجارة الحرة يتطلب مواءمة القوانين، واستحداث الآلية السريعة والمبسطة لكي ترشد المستثمر لكيفية الاستفادة من الفرص التي قد يتيحها الاتفاق، كما تخبر المستهلك المحلي كيف استفاد فعلاً من التصديق على الاتفاق. ولذلك فإن أقل ما يمكن للجنة تفعيل اتفاق التجارة الحرة القيام به هو اخبار الشعب البحريني بالفوائد الملموسة التي تتحقق، أو يمكن تحقيقها، وذلك من أجل بعث روحية متفائلة بمستقبل اقتصادي أفضل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ