العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ

هفوات السياسيين!

عبدالله الميرزا abdulla.almeerza [at] alwasatnews.com

للكلمة في حساب الساسة الكبار ثمن غال جداً، والمثل السائد الذي يقول إن «غلطة الشاطر بألف» يساوي وزنه ذهباً عند أولئك السياسيين (العقلاء) المتربعين على مواقع القرار في كل مكان. فسقطة واحدة تكفي لإشعال حرب تزهق الآلاف من الأرواح، ولذلك فمن الخطورة بمكان أن تحكم الخطاب السياسي الانفعالية أو الارتجال غير المدروس. ومردّ هذا الحديث ما يشهده المراقب للمعترك السياسي من هفوات خطابية تهدد أمن الشعوب مصدرها بعض المحسوبين على مصانع القرار.

وإمعاناً في تشخيص ما يجري وربطه بالواقع باستطاعتنا تقسيم مرتكبي تلك الهفوات إلى سياسيين جدد محدودي الخبرة في التعامل مع مستجدات الأمور وسياسيين (عتيقين) تغلبهم السذاجة، إذ إنهم لا يتعلمون من أخطائهم، وخطرهم أشد.

وبالعودة الى النمط الأول فقد نجد ان المسرح السياسي (والعربي خصوصاً) شهد في السنوات الأخيرة دخول وجوه سياسية جديدة. غالبية هذه الوجوه لم تسنح لها الفرصة من قبل للعمل في المواقع القيادية المباشرة، وانما كانت مشتغلة بالمعارضة التي لم تسمح لها في أحسن الظروف إلا بالتنظير والمواجهة مع حكوماتها، وبالتالي فخبرتها إن وجدت فهي تفتقر الى عناصر عدة أهمها اتزان الخطاب الإعلامي.

لقد كان من الصعب على هذه الوجوه أن تتقن دورها الانتقالي بالسرعة المطلوبة، وخصوصا ان وتيرة الإصلاحات التي شهدتها المنطقة إثر الظروف الإمكان جعلتها «في غمضة عين» على دكة القرار، وهذا ما أحدث إرباكاً في لغة خطابها، فضلاً عن أساليبها التكتيكية في البناء والإصلاح. اللا نضج في الخطاب الاعلامي وطغيان خطاب المعارضة واللهجات الانفعالية، اهم ما لفت الانظار الى هذا النمط من السياسيين، وبين من رأى في ذلك أمراً طبيعياً نتيجة العزلة السياسية التي عاشها هؤلاء في حقبات طويلة فإن آخرين شددوا على ضرورة الالتفات الى عدم الوقوع في هذه المطبات الخطرة التي ستوصم جيل المعارضة بالجهل السياسي وبالتالي ميل كفة «الحرس القديم».

ثمة مفارقات مهمة بين نمط السياسيين الجدد والنمط الذي تجسده ثلة (عتيقة) لم تشفع لها السنون الطوال في تخليصها من النزعة الهجومية التي لا تأبه بالآخر وإن كان نظيراً لها في الدين والوطن. فإن كان هناك بعض التماس عذر لسقطات (الجدد) فلا يمكن غض النظر عن أخطاء عقلية لديها من التراكم الأدائي وسنوات التجربة ما كان يكفي لجعلها تتريث في إطلاق الجمل التخوينية، وخصوصاً إذا كانت تمتلك من الشعبية ما يهدد بقلب الطاولة على شعب بلد عتيد بحجم لبنان مثلاً.

النمطان كلاهما يدركان انه لابد لهما أن ينتبها جيداً إلى التحول من لغة المعارضة والانفعالية الى لغة العقل تفادياً لإقحام الساحة في حروب أهلية أودولية لا هوادة فيها، إذ لن يكون السبب في إشعال أوارها سوى تلك الهفوات المقصودة أو غير المقصودة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"

العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً