جلست ذات يوم مع إحدى موظفات مركز للمسنين فراحت تقص على قصصاً تؤلم القلب لامهات يتألمن حزناً للمصير ولتنكر الابناء بعد ان قدمن ربيع أيامهن لابنائهن، سؤال مهم: مَن مِن الأبناء يفكر في أبويه؟ مراكز رعاية المسنين مليئة بالآباء والامهات الغرباء، كثير منهم لا أحد يسأل عنهم، وكثيراً ما يشكون الحال وينامون ودموعهم على خدودهم، يشكون هذه الحياة حيث القسوة والحزن والضياع.
واذا الشيخ قال اف فما مل حياة لكنما الضعف ملا، اقول: راحت تقص لي صوراً من الاحزان والآلام.
أم لعائلة بحرينية أحضرت إلى المركز بحجة ان أبناءها يريدون السفر للحج وبعد السفر سيأتون لها، ومنذ مجيئها وهي في العام الثالث لم ترهم ولم يجودوا عليها حتى بسلام.
تقول ممرضة: ذهبنا ذات يوم إلى عائلة بحرينية لزيارة أب يعاني من مرض عضال، في اثناء رفع الأب طلبنا مساعدة الابن وكان ينظر إلينا من النافذة إلا أنه أبى ورفض المساعدة واكتفى بقول: شيلوه خلصونه منه.
اكتشفت أم في خربة ذات يوم تأكل هي والقطط من إناء واحد، بعد مساعدتها سأل عن الابناء فتضح ان الأبناء جميعاً يعملون في وظائف عالية لكنهم تنكروا لامهم، وتقول أيضاً: عندما تمر بعض الاعياد نشعر بالحزن لانا نرى كثيراً من الامهات ينتظرن زيارة ابن أو بنت فيصبن بخيبة الامل وقليل هم السائلون!
ابن يطرد أمه تحت ضغط الزوجة فهامت بوجهها تبحث عن لقمة العيش وهي الآن تتكفف الناس.
صور مرعبة والمخفي أعظم.
ما الذي يحدث في المجتمع البحريني؟
لماذا كل هذه الانانية وطغيان المادة؟
اذا ما انقضى الجيل الذي انت فيهم
وخلفت في جيل فأنت غريب.
فليعذرني الأبناء فأني أوصي كل أم وكل أب أن يؤمنا مستقبلهما، وأن يقتطعا جزءاً من المال وهم في ريعان شبابهما فالمستقبل مظلم في ظل أجيال تتعلم على الماديات والفردية والأنوية وحب الأنا.
والله يقول: ومن نعمره ننكسه في الخلق.
اتمنى من الناس البحث عن آلام الآباء والامهات في دور المسنين ستكتشفون آلاماً واحزاناً وهم يقصون عليكم قصصاً لا تخطر على بال لقساوة الابناء في هذا الزمان الحارق والمحترق.
في الجانب التربوي على الآباء أن يربوا ابناءهم فضيلة الإنسانية وأن يذكروهم دائماً بتضحياتهم لابنائهم وان الذي يقسوا على أبويه سيعرف له الزمان بابناء يظلمونه.
السياسة مهمة والحياة الاجتماعية اهم ولكن لا قيمة للانسان مهما فعل اذا كان قاسيا على ابويه.
كم من زوج يقول: أنا وزوجتي وابنائي ومن بعدي الطوفان؟ ان الدموع التي يذرفها هؤلاء المسنون ستتحول إلى لهيب يحرق مستقبل أي ابن قسى على أبويه، قد يهنأ بالحياة ساعة لكنه سيفاجأ بانتقام إلهي.
دعونا نكفكف دموع أناس قدموا لنا ربيع اعمارهم لنعيش في سعادة وأمان، أليس من حقهم علينا الآن ان نوفر لهم السعادة والطمأنينة في هذه الحياة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ