العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ

نواب يكشفون تحركاتهم لمعالجة ملف «ضحايا التعذيب»

«الوسط» تفتح ملف تعويض ضحايا الانتهاكات في حقبة «أمن الدولة» (6)

كشف نواب بحرينيون عن تحركاتهم لحل قضية «الشهداء وضحايا التعذيب» مؤكدين ضرورة طي هذا الملف الذي بقي من آثار حقبة أمن الدولة.

وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون في حوار مع «الوسط» إن «النواب الديمقراطيين كانت لهم متابعات حثيثة ومنتظمة مع جميع المعنيين باستحقاق ملف ضحايا التعذيب، وفي مقدمتهم لجنة الشهداء والضحايا وهي منتخبة ومعنية بالموضوع مباشرة، وكذلك مع الأطراف الحكومية والحقوقية، وقد استمر ذلك أكثر من 3 أعوام حتى الآن، وفي هذا الإطار طرحنا اللجوء إلى المحكمة الدستورية من خلال تقديم طعن دستوري في المرسوم بقانون (56)/2002 كون صدوره يسبق انعقاد المجلس الوطني، حتى يتم رفع الغطاء القانوني عن الذين ارتكبوا مخالفات جسيمة خلال حقبة امن الدولة، وليشكل ذلك مدخلاً لمقدمات مصالحة بين مختلف الأطراف، غير أن صوتاً واحداً من النواب أعوزنا حين التصويت في المجلس، وبذلك فقد سقط المشروع، وأحبطت مساعينا».

ولفت مرهون إلى «وجود إدراك كبير ونضج لدى كل المعنيين بما فيهم الدولة وعلى الحكومة أن تتعاطى بايجابية مع هذا الملف، ليس فقط عبر التلويح بالتعويضات المادية، بل لكي يكون ذلك مدخلاً لتحقيق الإنصاف والمصالحة وتفعيل مبدأ العدالة للجميع، وهذا الموضوع سيبقى جرحاً نازفاً في وعي وضمير المجتمع والناس، وخصوصاً انه يتصل بالحقب الماضية من امن الدولة، وعلى الحكومة أن تتقدم إلى الامام في معالجته، فالعدالة والإنصاف هي تسوية تراعي مصالح الجميع، وعلى الخصوص المتضررين».

وكشف مرهون أن الكتلة الديمقراطية اجتمعت في الشهرين الماضيين مع خبراء حقوقيين من المغرب الشقيق، واطلعنا منهم على تجربتهم العميقة والمفيدة في تشكيل هيئة الإنصاف والمصالح، وكانت لديهم تجربة أكثر تعقيداً ومساوية لنا في الألم.

ومضى مرهون قائلا: «على الحكومة ألا تقف على عتبة الرفض والتردد، فأمامها استحقاقات دولية ومحلية من خلال تقديم تقرير المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب في جنيف عما تم إنجازه من توصيات حول الموضوع، ومن دون تقدم ايجابي سيبقى ذلك مفتوحاً على كل الاحتمالات، ويحد من فرص تقدم العملية الديمقراطية، وحله يجب ألا يتأخر أكثر، لأنه لا يتصل بتعديلات دستورية، ولا بالدوائر الانتخابية حتى تتذرع الحكومة بتعطيله، بل انه يرتبط بحقوق فئة كبيرة من المجتمع ينبغي أن ينالوا حقهم المعنوي قبل المادي.

وأكد مرهون «إن على جميع المعنيين بتسوية هذا الملف أن يوقنوا أنه ملف حقوقي بالدرجة الأولى، وينبغي عدم تجييره لمصالح سياسية أو غيرها، وعلى الحكومة وجميع المعنيين أن يدركوا أن زمن الإفلات من العقاب قد ولى، ولذلك فان لكل مواطن التمتع بحق دستوري وهو المساواة أمام القانون».

ورأى مرهون أن الحق بالمطالبة بتدخل القضاء واللجوء إلى العدالة يبقى من صلاحيات الضحايا، ولا يمكن لأحد سواهم أن يصادر منهم هذا الحق، ويبقى ان الكشف عن الأفعال المرتكبة من مقبل موظفي الدولة المعنيين بممارسة هذه الانتهاكات اكبر صمام أمان لعدم تكرار هذه العملية.

وشدد على ضرورة أن يدرك جميع المعنيين وفي مقدمتهم الحكومة والجمعيات السياسية والحقوقية والنواب وغيرهم بان الملف الذي هم بصدده ليس بملف يحققون من ورائه صفقة سياسية، أو يرغب كل طرف فيه أن يحقق انتصاراً على الطرف الآخر بل هو حقوق شهداء ومعذبين واسر مكلومة سقطوا جراء ممارسات أمن الدولة، وذلك يلتقي مع إرادة جلالة الملك الذي بعث الروح في المؤسسات الدستورية والمحاكم القانونية، وعمل على تفعيلها كأداة لمحاولة الإفلات من العقاب، ليس من السهولة وبجرة قلم ولا بعثرة قدم الخروج بتوصية قاصرة من حيث بعدها الزماني والموضوعي والحقوقي، والخروج منها يستدعي معالجة حقوقية وموضوعية أيضاً.

وعن اتصالاته مع لجنة الشهداء وضحايا التعذيب، قال مرهون: «أجرينا عدة اتصالات من البداية وحتى الآن نلمس فيها أن اللجنة لديها رغبة حقيقية في تسوية هذا الموضوع بشكل يحقق الاعتبار المعنوي للضحايا والمعذبين ومن ثم البحث في المسائل الأخرى المترتبة على ذلك، وكذلك أطراف مسئولة في الحكومة كانت لديها رغبة في استكشاف السبل المؤدية لهذه الحلول، ولكن مع الأسف الشديد اشعر أن الأطراف الحكومية لم تمتلك الجرأة الكافية بعد لحل هذا الملف على رغم إيمانها بضرورة حله، وعلى ما اعرفه الآن أن الأطراف الحكومية لديها اتصالات متعددة الأطراف ربما حتى الآن من خلال قنوات مختلفة، ويحذونا الأمل في حل هذا الملف، ونحن اطلعنا بعض الكتل النيابية على هذه المساعي واستحسنوا أسلوب المعالجة».

وستواصل «الوسط» عرض تحركات أعضاء مجلسي الشورى والنواب وناشطوا المجتمع المدني لحل هذه القضية الانسانية


عين خديجة كانت هدفاً سهلاً لقوات الأمن!

خديجة... فتاة من قرية النويدرات لها قصة مأسوية مع حوادث التسعينات.

خديجة لم يكن عمرها يتجاوز السادسة عشرة ربيعاً، عندما فقدت أعز عضو من أعضائها.

في قرية النويدرات كان يصعب على الأهالي الخروج من منازلهم، فضلاً عن الخروج من القرية، ومن يتحد ذلك الأمر يصبح هدفاً سهلاً كما حدث مع خديجة التي سقطت مغشياً عليها والدماء تسيل منها وهي تصرخ وتطلب النجدة لانقاذ حياتها.

يقول أحد الشهود من أقربائها: «سمعنا الصرخة وتفاجأنا، وخرجنا من طريق فرعي، لأن الطريق الرئيسي كان مكتظاً بوجود أمني كثيف، ووصلنا إلى المستشفى الدولي أسرعنا إلى الطوارئ، وقال الأطباء إن عين خديجة قد تلفت!

خديجة من جانبها تروي القصة بصوت متقطع وتقول: «الحمد لله على كل حال»، ومن المناظر الحزينة جداً أثناء المقابلة عندما مدت خديجة يدها إلى الأعلى وسحبت لها عينا تجميلية.

والدة خديجة التي صبرت وتحملت الكثير، قدمت لها كل ما تملك من دعم ومؤازرة ووقفت بجانبها.

ويقول شقيق خديجة «إن هذا الحادث ألقى بظلاله الحزينة على العائلة، إذ تأثر أبيها ما أدى إلى معاناته لأشهر ليفارق الحياة في آخر السنة، كما فارق أخوها المريض الحياة بسبب هذه الإرهاصات».

إنها تعيش المأساة لحظة بلحظة، وهي ترى التشويه على اعز عضو من أعضائها، ولكن خديجة ليست الوحيدة التي أصيبت في هذه الحوادث، فهناك الكثير من قريناتها اللاتي وقعن ضحية لفترة أمن الدولة.

إنها تنعى الزمن الذي حرمها من زهرة شبابها، خديجة تدعو الله لأن يعيد إليها بصرها، وقبل أن تخلد إلى النوم تنظر إلى قسمات وجها في المرآة وترى صورتها عندما كانت مبصرة لتنام بحسرتها وهي تحمل آهاتها، وتأمل في إنصافها فقط

العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً