استمرار الوطن العربي في التعامل مع ردود الفعل يؤكد فقده حكومة ووسائل إعلام لمبدأ المبادرة منذ عهود مضت، لكن بقاء الحال كما هو عليه سيجعلنا لعبة في يد الغير يوجهنا كيفما شاء وأينما أراد. وليس بعيدا ما أثارته وتثيره إلى الحين الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد (ص) من دون حدوث اختراق محدد يوقف المعتدين عند حدهم إذ مازلنا ننقل ما يحدث من تظاهرات ونشر ما يطلق من تصريحات لكن لم يصدر حتى الآن اعتذار رسمي من مملكة الدنمارك يضع حدا للمأساة.
وقبل أن تنطفيء شرارة الرسوم طالعتنا قناة تلفزيون استرالية قبل أيام بعرض المزيد من صور التعذيب التي يتعرض لها السجناء العراقيون في سجن أبوغريب فانكبت عليها بالإجماع تقريبا الفضائيات العربية والصحف في صدر الصفحات الأولى ونشرات الأخبار.
ولم يكلف بعضنا ليسأل نفسه لماذا تعرض هذه الصور الآن ومن قبل تلفزيون في دولة تشارك قواتها في قتل العراقيين بحجة تحريرهم وتعليمهم أصول الديمقراطية؟ ويجب أن لا نغفل أن القناة ذكرت أنها تفعل ذلك في إطار «حرية التعبير» التي تتمسك بها.!
من الواضح أن ما تم يجري في إطار المعرفة بعقلية ونفسية المتلقي العربي، والهدف يبدو واضحا وجليا وهو كسر حدة الحملة المثارة ضد الرسوم والتعرض بالإساءة إلى الأنبياء والمقدسات والعبادات التي تمس العالم الإسلامي والعربي. ويبدو أن الأمر حقق نوعا من النجاح إذ صارت صور التعذيب هي الموضوع الأول في العالم العربي وتراجعت أخبار الحملة المضادة للدنمارك إلى الصف الثاني.
وهنا نطرح السؤال التالي، إلى متى نستمر في التعامل مع القضايا التي تهم عالمنا بروح ودافع رد الفعل؟ والى متي نستطيع أن نصنع ونضع القضايا التي نرى أنها مركز اهتمامنا في الصدارة؟ أي بمعني أن نخلق نحن الفعل ونجعل الآخرين يتفاعلون معه. وهل في مقدور إعلامنا وحكوماتنا أن تسجل ولو مرة اختراقا بكشف مثل ما يحدث في أبوغريب وغوانتنامو والسجون السرية من تلقاء نفسه بدلا من نفي وتكذيب ما يتسرب عنها؟
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ