العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ

ما بعد عاشوراء... وتقويم المسيرة

محمد المخلوق comments [at] alwasatnews.com

موسم عاشوراء انقضى هذا العام، وتميّز بزخم إعلامي لم ينله قبلاً، سواء على مستوى الفضائيات والصحف، أو النشرات والإصدارات. ذلك الزخم الإعلامي يفرض نفسه بقوّة، ويدفع إلى بذل المزيد من العطاء على مختلف الصُعُد.

ومع هذه الانطلاقة المباركة لكل الفعاليات «الرشيدة» و«المبتكرة» يقف المرء مشدوهاً أمام الروح المستعدة للبذل السخيّ في سبيل بقاء شعلة الثورة الحسينية، كلّ بحسبه ووفق طاقته. وهنا وفي سبيل تقويم المسيرة أجد من المناسب طرح بعض الملاحظات التي ألحّت عليّ، ورغبت لها أن تختمر في أذهان القراء ليترجموها بأفكارهم إلى خطوات فاعلة.

1- المؤتمر العاشورائي: أجد من اللازم عليّ تجديد طرح هذا المشروع الضخم للعام الثاني على التوالي، فلا يمكن أن تمرّ علينا مناسبة جلّ حراكها أهليّ من دون أن نقف على نقدها، أو نمرّ على تحليلها وتقويمها، وهنا لا أجد أحداً أولى من جمعياتنا الإسلامية الكبيرة للقيام بهذه المهمة العسيرة، وفي مقدمتها جمعية التوعية الإسلامية والحوزات العلمية والمجلس العلمائي وغيرها من مؤسسات دينية، على أن يضم هذا المؤتمر كل الأطياف تنظيماً واجتماعاً، بعيداً عن الحساسيات والصراعات، ليطرح القضايا بصراحة ليعالجها، كقضية الصراعات غير المعلنة بين المآتم والحاجة إلى تعزيز الجانب الأخلاقي.

2- المنتج الوطني أفضل: انتهيت على مدى عشرة أيام إلى حقيقة صارحت بها من حولي، بأن الخطيب البحريني أثبت أنه «الأقدر» على كسب الجمهور إذا ما كان خطيباً «نموذجياً». كما أن له أيضاً القدرة على التفوق على الخطباء المستقدمين وخصوصاً في ظل الضعف الغالب بينهم هذا العام، ولإمكان تفوق المنتج الوطني عدة عوامل مساعدة، أهمها كونه ابناً لهذا النسيج الاجتماعي، ولتفننه في أداء الطور البحراني المحبّب لأهل البحرين. وهنا أقول إن ما لوحظ هذا العام ضعف غالب على أكثرية الخطباء المحليين والمستقدمين، وهو ما أصاب الناس بخيبة أمل، فوجدوا سلوتهم ببعض الموجود الذي لم يرقَ إلى طموحهم، وظلوا يحنّون إلى النماذج الراقية القليلة. وهذه قضية تدعو أصحاب الشأن إلى التفكير في تأسيس مركز لتدريب الخطباء، مع التركيز على الاستفادة من الخبرات القديمة.

3- التدخل في الحساسيات: ما لفت نظر الكثيرين محاولة البعض «من خارج البحرين» تحديداً التدخل في قضايا حساسة، وإثارة الفتن من خلال بعض الموضوعات، بينما كان الأولى بأمثال هؤلاء احترام أعراف هذا البلد، وأن يكونوا أكثر ذكاءً في عدم الخوض في أشياء تنفّر الناس منهم، ولاسيما إذا بدأت الناس في الإقبال على الجيد بمعزل عن التوجهات والتصنيفات، وهذا ما لوحظ أخيراً في التوجه إلى قبلة الإبداع أينما كانت، فرجاؤنا احترام أوضاع البلدان المضيفة، ورجاؤنا لأصحاب الشأن تنبيه الغافلين إلى «ما يقال» و«ما لا يقال».

4- الإرشادات التوعوية: قبل سفرنا إلى أي بلد أجنبي عادة ما توضح المنشورات السياحية بعض الإرشادات الواجب اتباعها، وذلك بغية احترام أعراف تلك البلدان وخصوصياتها، إذ يمنع مثلاً ارتداء السراويل القصيرة أو يمنع دخول الأضرحة من دون غطاء رأس... إلخ، وهنا فإن عاشوراء ذات الحجم الهائل جديرة بأن يكون لها منشور توعوي بإرشادات يجب على الحاضرين الالتزام بها، وهي عملية حضارية تماماً، وخطوة إلى تنظيم أكثر، وهي مهمة تقع على عاتق كل مدينة وقرية، فلا يمكن أن يسير العزاء في المنامة ويحضر من يحضر من دون أية مقيدات أو ملاحظات.

5- سير المواكب في المنامة: بات من شبه اليقيني أن خط سير المواكب بدأ يطلق صيحات الاستغاثة والإنذار بأن الانفجار السكاني غير محتمل، فهذه الحشود الهائلة التي تضيق بها الشوارع تحتّم على المعنيين التفكير في طريقة أخرى أكثر واقعية لتعديل تاريخي تفرضه الظروف، ولنا في مأتم بن زبر مثالاً، فبعد معاناة عند زقاق المأتم تم تغيير سير المواكب إلى الطريق العام، وفي سبيل بقاء رمزية المأتم تم نصب شعار المأتم وساقية.

إن الدعوة إلى تغيير خط سير المواكب بتوسعته حتمية، بعدما غدت الحشود البشرية التي تزور العاصمة للمشاركة في الإحياء لا تجد متنفساً لها حتى للسير إلاّ بين ووسط المواكب، وهو ما يؤدي لازعاج المشاركين في مواكب العزاء

العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً