العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ

«كفاية»... مهاتير!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل عامين تقريباً، زار رئيس الوزراء الماليزي السابق محاضر محمد مصر الشقيقة، والتقى مجموعة من المثقفين في مكتبة الاسكندرية، وتحدث في اللقاء عن تجربته في الحكم، التي امتدت ربع قرن، نقل خلالها ماليزيا من اقتصاد «زراعي»، إلى اقتصاد «صناعي». وفي الأثناء أخذ يعدّد إنجازات حكمه، من بينها نجاحه في خفض نسبة الفقر من 70 في المئة إلى 3 في المئة فقط. وختم حديثه قائلاً: «كفاية علينا 24 عاماً في الحكم».

محاضر (مهاتير) محمد لم يكن يدرك حينها أنه ألقى حجرة في بركة ماء راكد، إذ تلقف بعض الحضور الخيط من فمه ليؤسسوا حركة «كفاية»، في منتصف العام 2004.

الجماعة، وهم كتاب ومثقفون وأساتذة جامعيون، بدأوا في نشر بيانات في الصحف المستقلة، يدعون فيها الرئيس حسني مبارك إلى عدم الترشّح لفترةٍ رئاسيةٍ جديدة. طبعاً فخامة الرئيس لم يستمع لهم ورشّح نفسه للمرة الخامسة، لكن الحركة بدأت تكسب بانضمام شخصيات نخبوية، وأطلقت موقعاً على «الانترنت» لبثّ أفكارها. ثم أخذت بالدعوة إلى التظاهر السلمي «الصامت» في أماكن مختارة، لإعلان رفضها سياسات معينة، من بينها معارضة توريث الحكم لجمال مبارك، فالشعب المصري ليس قطيعاً من الجواميس، ومصر ليست مزرعة دواجن يتوارثونها.

الرئيس من جانبه، نفى أن تكون له مثل هذه النية، مطمئناً «الجمهور» إلى أن ما حدث في دول عربية أخرى لن يتكرر في «أم الدنيا»!

«كفاية» في حركتها البسيطة، وبشعاراتها الواضحة التي تختزل الأزمات في كلمات، استطاعت أن تتفوّق على أحزاب المعارضة التي شاخت، وإن كان البعض يرى أن الشهرة التي اكتسبتها أكبر من حجمها الحقيقي، وانها مجرد حركةٍ حديثةِ العهد بالعمل السياسي، ولا تمتلك برنامجاً سياسياَ واضحاً، أفرادها عددٌ محدودٌ من المثقفين والنخبة، ولم تتجذر في الشارع، وكل ما تملكه معارضة النظام والتنديد بسياساته الخاطئة بأعلى صوتٍ ممكن، وبأبسط طريقةٍ ممكنة.

مبارك ردّ على الحركة في الـ «فيغارو» الفرنسية وليس في «الأهرام» أو «الجمهورية»، بالتشكيك في مصادر تمويلها أولاً، وباتهامها باستغلال الظروف الدولية للضغط على نظامه، والاستقواء بالخارج! وردّت «كفاية» بدعوته إلى مناظرةٍ علنيةٍ للردّ على هذه الاتهامات التي رفضتها جملةً وتفصيلاً.

طبعاً النظام لم يكن مستعداً للمناظرة، ولذلك، أعلنت كفاية أهدافها على الانترنت بلغة يفهمها أي طالب ابتدائية مصري:

إلغاء قانون الطوارئ فوراً، التخلّص من القوانين المكبّلة للحريات، تشكيل الأحزاب من دون قيود، الاعتراف بحقّ التظاهر السلمي للجمهور بدل رشّه بمسيلات الدموع، حرية التعبير وتحرير الإعلام من عبودية الدولة، تشكيل جمعية وطنية تشرف على إعداد دستور جديد للبلاد، وبرلمان غير مزيف يمثل إرادة الشعب، الفصل بين السلطات، والحد من سلطة الرئيس المطلقة وتحديد مدة حكمه، وانتخابات نزيهة لئلا تصبح وسيلة لخداع الناس.

طبعاً الجماعة اكتشفوا أن الحكم لا يريد ديمقراطيةً ولا بطيخاً، وعلى وقع الصدمة، خرج شاعر محبط من «كفاية»، ليقرأ البيان الأخير: «يا ساكن قصر العروبة إحنا سكان مصر المنهوبة... كرهنا الخضوع، كرهنا الركوع، كرهنا الجراية والسجون، كرهنا المعونة والديون... ارحل كفاية»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً