العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ

أسواق الأموال الخليجية: الآمال والتحديات

منظور معرفي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كشف رئيس مركز القانون السعودي للتدريب الجهة المنظمة للمنتدى الأول لأسواق المال الخليجية ماجد محمد قاروب في مؤتمر صحافي عقده قبل أيام في جدة أن حجم الثروات التي تدار الآن في أسواق المال والبورصات الخليجية يصل إلى نحو 1,9 تريليون دولار، يتعامل في أسهمها ما لا يقل عن 5 ملايين مواطن ومواطنة خليجية، فيما تدير صناديق المضاربة الخليجية بالأسهم ما لا يقل عن مليار دولار.

ومن المتوقع أن تحظى هذه السوق التي تكثر الأحاديث اليوم عن مظاهر انتعاشها بدراسة معمقة في فعاليات المنتدى الاول لاسواق المال الخليجية الذي سيقام برعاية نائب حاكم دبي وزير المالية والصناعة بدولة الامارات العربية المتحدة بمدينة دبي صاحب السمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بدعم من مركز دبي المالي العالمي في 14 مارس/ آذار المقبل وتشارك فيه 30 شخصية إماراتية وعربية وسعودية تطرح اوراق عمل متخصصة على مدار 3 أيام. ويتوقع ان يكون بين الحضور أكثر من 300 شخصية ادارية معنية اقتصادية بشئون المال في الخليج، التي يعمل فيها نحو 500 شركة مساهمة خليجية يزيد حجم الاموال فيها عن 1000 مليار دولار أميركي موزعة على دول المجلس.

هذا الانتعاش الذي يبعث على التفاؤل تحذر من احتمالات انتكاسته مؤسسة متخصصة مثل ستاندرد أند بورز التي تحدث تقرير صدر عنها حديثاً عن المخاطر المحدقة بأسواق الأوراق المالية الخليجية، ذلك «أن الظروف الاقتصادية السائدة في منطقة الخليج قوية، إذ نسبة النمو المحققة في الناتج المحلي كانت بمعدل 6 في المئة وهي مرشحة للارتفاع، الأمر الذي يجعل احتمال حصول عمليات تصحيح حاد في أسواق العقار والمال احتمالاً محدوداً».

ويلفت التقرير النظر الى «ان النقص الهيكلي في الاصول العقارية في الكويت وقطر والامارات، الذي سيستمر في دفع الأسعار نحو الارتفاع».

ويحذر التقرير من «تصاعد متوسط نسبة السعر الى العائد في اسواق المال الخليجية، اذ انه بات الآن في حدود 35 وهو يتجاوز متوسط الاسواق الناشئة والمتوسط الاقليمي التاريخي». وتستمر ستاندرد اند بورز في الاعراب عن قلقها من كون المضاعفات المرتفعة تعكس فائضاً في السيولة الى جانب تحسن المقومات الاقتصادية، ومن كون التضخم المستمر في الاصول قد يقود الى عواقب أكبر».

وتتنبأ ستاندرد اند بورز «من ان رؤوس الأموال التي عادت الى المنطقة في اعقاب 11 سبتمبر/ أيلول 2001 قد تخرج ثانية، إذ فقد المستثمرون الثقة بالقدرة على استيعاب صدمة قوية تصيب المنطقة، بصرف النظر عن مقومات أسواق العقار والأسهم... ففي هذا السيناريو سيكون أمام المصارف خيارات محدودة للتأقلم مع انهيار متزامن لأسواق المال والعقار، وستتلاشى الأرباح المالية غير المحققة وسيكون تسييل المحفظة المالية بالغ الصعوبة، لأنها لن تجد كثيرين يرغبون في الشراء». وتختتم ستاندر أند بورز تقريرها بالقول بأنه في حال وقوع ازمة، «فإن القواعد المالية للمصارف ستتأثر بصورة مباشرة وفورية بتقدير القيمة السائدة. وفي الوقت ذاته، ستتأثر الربحية في وقت واحد، بتراجع النشاط التجاري وارتفاع متطلبات وضع المخصصات المالية وفقدان قيمة المحافظ المالية التجارية».

إذ ما أضفنا إلى كل ذلك القيود التي لاتزال تسيطر على آليات الكثير من الاسواق الخليجية والتي تعيق المستثمر الخليجي نفسه من الاستثمار، سنجد أن الأمر يزداد قتامة، الأمر الذي يطلب من دول مجلس التعاون وضع قوانين مشجعة لتسهيل عملية الاستثمار داخلها لانها مقبلة على تنافس في جذب رأس المال الاجنبي وذلك لعدة اسباب من اهمها ان المنطقة خارجة للتو من وضع سياسي مضطرب اضافة الى حاجتها للاموال الاجنبية لتمويل مشروعات التنمية الاقتصادية.

في هذا السياق، ينبغي الإشارة إلى دخول 100 شركة مساهمة جديدة في أسواق المال الخليجية البعض منها برؤوس أموال ضخمة مثل معادن السعودية بالإضافة إلى حجمها الكبير تكون ذات رأس مال خليجي مختلط مثل «دانة غاز» و«بنك الريان» وكذلك «مصرف السلام» وقريباً مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الأكبر والأضخم ما يعني أن عدد الشركات المساهمة في دول الخليج سيقفز خلال السنوات الخمس المقبلة من 500 شركة مساهمة حالياً إلى ما لا يقل عن 1000 شركة مساهمة بواقع 100 شركة مساهمة على مستوى الخليج.

وهذه كلها من أهم تحديات أسواق المال الخليجية لأن الواقع العملي سيتطلب توحيد الأنظمة واللوائح والمعايير الإدارية والقانونية والمالية للوصول إلى سوق خليجية مشتركة للأوراق المالية وخصوصاً الأسهم والسندات. ولذلك فإن أمام المنتدى الذي سينعقد في مارس/ آذار المقبل تحديا استراتيجيا حقيقيا عليه أن يتوقف أمامه من أجل الخروج بتوصيات منطقية قابلة للتطبيق من خلال المناقشات التي نتوقع أن تسود جلساته. ولذلك فمن المتوقع أن توضع على بساط البحث جميع الأنظمة القانونية الحاكمة لأسواق المال الخليجية لغرض المقارنة والمكاشفة للوصول إلى النموذج الأفضل الذي يمكن أن يطبق بعد التعميم لأن ذلك يتطلب توحيد الكثير من الإجراءات والمفاهيم والمعايير في منح التراخيص وحوكمة الشركات ونشاطاتها وإداراتها وموظفيها وتوحيد المعايير المحاسبية والإدارية والرقابة على الشركات والمصارف وحركة الأموال والاقتصاد، وسيلقي كل ذلك مسئوليات ضخمة على وزارات المال والاقتصاد والتجارة في دول الخليج بالإضافة إلى هيئات سوق المال وهيئات ونقابات المحاسبين والمحامين ومكاتب الاستشارات المالية والاقتصادية ودراسات الجدوى والتطوير الإداري والمعرفي والتقني وأساليب الإدارة الإلكترونية ومعايير الجودة. كل تلك الجهات بحاجة إلى توحيد النظرة والواقع والتحديات والطموحات لأن السبيل الوحيد لإحداث نقلة إدارية وتقنية لإدارة الأعمال والاقتصاد والوصول إلى الإدارات والحكومات الإلكترونية ورفع مستوى الأداء والشفافية والصداقة سيكون مرتكزاً بدرجة كبيرة على نجاحات أسواق وهيئات المال في بسط وإنفاذ قوانينها الصارمة والفعالة والخلاقة للفرص والأعمال وهذا هو الأمل المطلوب تحقيقه.

وإذا كانت آمالنا تطمح إلى رؤية سوق مال خليجية متينة قابلة للنمو والتطور، فلابد لنا من رؤية التحديات التي تواجهها فليست التمنيات وحدها تبني المشروعات

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً