العدد 1259 - الأربعاء 15 فبراير 2006م الموافق 16 محرم 1427هـ

على الشعوب النائمة في العسل

العولمة والسيطرة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تناولت في المقال السابق علاج الأمراض بالهدوء النفسي والابتعاد عن أخبار الحروب والقتل، وأتحدث اليوم عن الاستعمار الغربي الحديث الذي تحوّل إلى طريقة أخرى في استغلال الشعوب والسيطرة عليها من الطريقة القديمة في الاحتلال، واستعمل تقدمه العلمي والتكنولوجي بالضغط على العالم الثالث، وبيع منتجاته بالإجبار، وهذا ما سُمي بالعولمة الاقتصادية، مع حجب أسرار التصنيع عنها والاحتكار التام لمعظم المواد الأساسية!

وبالنسبة إلى المنتجات الدوائية، تقوم شركات الأدوية الجبارة بالتحكم في أسعار الأدوية، وبإمكانها إخضاع الدول سياسياً إذا ما أساءت الأدب أو حاولت التحرر من مؤامراتها، وأصبح بإمكانها قتل الألوف من شعبنا كما حدث في العراق الشقيق.

ومن المعروف أن جسم الإنسان خلق بطريقة جبارة بحيث لا يعطب إلا نادراً، وأن 90 في المئة من الأمراض التي يصاب بها تكون وعكة بسيطة تعالج بطرق تقليدية بحتة، مثل الصداع، المغص المعوي، التهاب اللوزتين... إلخ. وكان في الشرق أطباء خدموا البشرية على أحسن وجه، فكان العطار و«المرّاخ» والجرّاح، وكانوا يجرون حتى العمليات المعقدة، وكانت المعامل والمختبرات والاكتشافات مستمرة، وكان الناس يعيشون من دون مشكلات أساسية صحية مع وجود هدوء البال والقناعة، على رغم الإمكانات المحدودة، وكانوا سعداء وتمتد أعمارهم إلى فوق مئة عام. وقد يصاب 10 في المئة بأمراض يصعب علاجها كما يحدث في وقتنا هذا، وهي نسبة قليلة تتعرض للأمراض المعقدة. وجاءنا الغرب وسيطر على الحضارة بعد أن استغل طبعاً جميع مراجعنا واكتشافاتنا وقام ببناء حضارته الحديثة عليها، وأوهمونا بأنهم هم ذوو قدرات فريدة في جميع العلاجات وتخلى الشرق عن ماضيه العريق ورمى كل طرقه التقليدية وانقاد للغرب، وبدأ باستهلاك السموم الحديثة من الأدوية، التي وإن عالجت عضواً أضرت عضواً آخر في الجسم، فأدوية الصداع مثلاً قد تسبب قرحة المعدة، وبعضها قد يسبب الإسهال أو الغثيان، وفي كثير من الأحيان الاكتئاب. وإذا ما كثر تناول المهدئات للأوجاع ومن دون معرفة السبب قد نكتشف في النهاية وجود ورم سرطاني صعب تشخيصه نظراً إلى تناول المسكنات قبل الفحص والكشف. وأشياء أخرى قد تسببها العمليات الجراحية الخاطئة، أو استهلاك الأدوية غير اللازمة لإقناع المريض بالاهتمام الزائد.

وقد يكون المرض نفسياً ولا وجود لأي سبب عضوي لأوجاع كثيرة غامضة، انما بسبب الضغوط النفسية الكثيرة، وهذا ما نجده عندما تذهب الضغوط النفسية تقل الأوجاع وتبتعد الأمراض، فلماذا لا نحاول أخذ التصنيع والبحوث والاكتشافات؟ وأين هم حملة الدكتوراه والماجستير؟ أين دور وزارتي الصحة والتربية والتعليم في تدريب النشء على الإبداع والابتكار؟ وأين دورهما في تطوير الشعوب؟ ومع عائدات النفط الجبارة والثروة المُنزلة، ألا يحق لنا أن نعود ونأخذ أماكننا بين الدول المتقدمة، أم سنستغل كل هذه الثروة في رصف الشوارع وبناء حجارة المجمعات؟

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1259 - الأربعاء 15 فبراير 2006م الموافق 16 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً