العدد 1259 - الأربعاء 15 فبراير 2006م الموافق 16 محرم 1427هـ

شئون وشجون بحرينية صينية (6)

حسين راشد الصباغ comments [at] alwasatnews.com

أدار ندوة العلاقات العربية الصينية باقتدار ودراية نخبة من المسئولين الصينيين في وزارة الخارجية، وفي ختام هذه الندوة ألقى السفير يانغ فوشنغ كلمة مختصرة لكنها ضافية ومهمة بشأن بداية علاقة الصين بـ «إسرائيل» وقال إنه في العام 1990 أجرى اتصالات مهمة مع مسئولين إسرائيليين وقد مهدت في ما بعد لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، وكانت البداية موافقة الصين على أن تفتح إسرائيل مكتباً تجارياً أو عملياً يقابله مكتب آخر للصين في تل أبيب. وذكر أن هذا المكتب فتح في العام 1991 في فندق جانغوا الصغير والجميل معاً وبه مطاعم تقدم وجبات لذيذة ترضي كل المشارب والأمزجة والأهواء من أجانب وصينيين وبه مقهى جميل يطل على الشارع الرئيسي إذ يحلو فيه الجلوس خلال فصل الربيع في شهر مايو/ أيار وحتى فصل الخريف لشهر أكتوبر/ تشرين الأول، وكان يرأس هذا المكتب الإسرائيلي في بكين دبلوماسي إسرائيلي رفيع بدرجة سفير. وإن هذا المكتب نواة لفتح سفارة في بكين فيما بعد. ويضم الفندق صالة كبيرة تعرض اللوحات الزيتية، وأسعارها معقولة جداً، ولعل السفير يانغ يتذكر جيداً آنذاك أنني أعطيته قصاصات صحافية أجنبية من بينها مقال في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية وقد أشارت إلى تفاصيل وافية بشأن موافقة الصين على فتح المكتب العلمي السابق الذكر إلا أن الصديق السفير يانغ كان من الطبيعي أن ينفي علمه بذلك الأمر آنذاك حرصاً على سرية هذا الموضوع المهم وحساسيته بالنسبة إلى معظم الدول العربية وخصوصاً تلك الدول التي لم تعترف بعد بـ «إسرائيل»، وهذه الدول هي ما تطلق على نفسها جبهة الصمود والتصدي، والغريب في الأمر أنه عندما أخبرت السفير الفلسطيني في بكين يوسف رجب بهذا الأمر استشاط غضبه وقال لي بحزم وتأكيد وكأنه عالم ببواطن الأمور، أن الصينيين لا يمكن ان يقدموا على مثل هذه الخطوة لأنهم وعدونا بذلك وعلى حد قوله ان هناك ثوابت صينية فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ونسي صديقنا الفلسطيني أن للدول الكبرى ذات السيادة الكاملة ثوابتها ومصالحها الخاصة والإستراتيجية، ويذكر أن المملكة العربية السعودية فتحت مكتباً تجارياً في مطلع التسعينات وكان يرأسه المرحوم السفير توفيق علمدار والذي سرعان ما تحول إلى سفارة سعودية في أغسطس / آب 1990 لتصبح السعودية آخر دولة بعد دولة البحرين وقطر تقيم علاقة دبلوماسية كاملة مع الصين، وفي عام 1991 فتحت السفارة الإسرائيلية واخد علم «إسرائيل» يرفرف في سماء بكين، والدبلوماسيون العرب مندهشون لهذا الحدث وكأنهم يريدون أن تكون الصين أكثر ملكية من جمهورية مصر العربية وهي أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع «إسرائيل» بعد اتفاق كامب ديفيد في العام 1978، واتذكر جيداً أن أول عمل مارسته السفارة الإسرائيلية في بكين إصدار مجلة شهرية مصورة ترصد بالخبر والتحليل والصور مجالات التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، من بينها زيارة المسئولين الإسرائيليين للصين وهي زيارات كثيرة ومتكررة وزيارة المسئولين الصينيين أيضاً لـ «إسرائيل» وعنذ إصدار هذه المجلة وضع مجلس السفراء العرب في بكين نصب عينيه إصدار مجلة مماثلة للمجلة الإسرائيلية وقد أدركت منذ البداية أن هذه مجرد غضبة مضرية أو عدنانية وردة فعل من مجلسنا الموقر لا تلبث أن تخبو وتتلاشى، وسرعان ما صدق حسي في ذلك وحتى تركي عملي في بكين في أغسطس 97 فشل مجلس السفراء العرب فشلاً ذريعاً في إصدار مجلتهم والتي تماثل المجلة الإسرائيلية والسبب أن هناك إرادة إسرائيلية واحدة بينما نحن 21 دولة ولكل دولة سيادتها وتوجهها السياسي المختلف الذي يتعارض مع المواقف العربية الأخرى، وبعد فتح السفارة الإسرائيلية في بكين بفترة بسيطة زاد نشاطها في الميادين الاقتصادية والعلمية بل وفي التعاون الزراعي مع الصين، وقد زرت المعرض الصيني السنوي عدة مرات وهو يقع في المنطقة الدبلوماسية، كانت «إسرائيل» منذ مطلع التسعينات من القرن العشرين تشارك فيه سنوياً بما لديها من خبرة في زراعة الصحراء واستنباط محاصيل زراعية كثيرة ومتعددة وقد استفادت منه الصين كثيراً ولم تشارك فيه الدول العربية إلا لماما ونادراً وقد حضرت حفل عيد البحرين الوطني السنوي الذي أقامه كريم الشكر في فندق الكالون بتاريخ 14 ديسمبر/ كانون الاول 2005، بدل 16 ديسمبر إذ سافر إلى هونغ كونغ لينضم إلى وفد البحرين الرسمي هناك وذلك في اجتماع المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، وكان يتوقع من جولة المفاوضات هذه خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية وتبسيط الإجراءات الجمركية وفتح الأسواق الأجنبية وتحقيق تقدم أكثر في حرية التجارة وأن تلقى مصالح الدول النامية المزيد من الاهتمام، وفي هذا الحفل حضرت نخبة من المسئولين الصينيين في وزارة الخارجية وفي الميادين الاقتصادية والمالية قال لي أحدهم إن «إسرائيل» قدمت للصين خبراتها المعروفة في إستنبات المناطق الصحراوية وكذلك تطوير زراعة الفواكه والخضراوات جينياً وهي من الدول المتقدمة في مجاله، وعادت بي الذكرى إلى سنوات الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء بعد هزيمة 1967 المشينة، وقد اقامت «إسرائيل» خلال احتلالها مزارع واسعة منتجة، مثمرة في كثير من المحاصيل، اما التعاون العسكري بين «إسرائيل» والصين فكان تعاوناً سرياً يعود إلى حقبة الثمانينات من خلال مكتب عسكري إسرائيلي في هونغ كونغ. ومن ناحية أخيرة لفت نظري ومعي زملاء من سفارة البحرين عند تجوالي في منطقة سفارتنا والواقعة في منطقة الفنادق الفخمة مثل كمنسكي والهلتون والشيراتون زيادة كبيرة في عدد المتسولين والشحاتين من رجال ونساء وإصرارهم على ملاحقة المارة بل وإلحاحهم في الحصول على المال بأي طريقة وبعض الرجال والنساء يستعينون بأطفال مدربين في هذه المهنة المعيبة التي ولاشك تدر عليهم مالاً وفيراً بحسب معلومات بعض المسئولين الصينيين في وزارة الشئون الاجتماعية، وقد زادت هذه الظاهرة انتشاراً والتي بدأت خلال حقبة التسعينات وذلك مع انفتاح الصين الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن ظاهرة المتسولين شاهدتها لأول مرة في بكين خلال نهاية الثمانينات أمام مداخل المساجد كمسجد روتان ومسجد قوتسي عند تأديتنا لصلاة الجمعة فيهما، وكان كثير من سفراء الدول العربية والإسلامية كسفراء إيران وباكستان وماليزيا وأندونيسيا يؤدون صلاة الجمعة بصورة دائمة ودورية كما أن هناك زيادة واضحة في عدد الفتيات المتجولات حلول تلك الفنادق يعرضن على الأجانب خدمتهن في القيام بالمساج والتدليك ولكن في أماكن خاصة، وبعيداً عن هذه الفنادق وأعين الفضوليين، وأن بعض الفتيات على قدر من الجمال ويحملن مسحة منه، وهن في الأساس بغايا يمارسن الدعارة نهاراً جهاراً وتحت مسميات مختلفة، إلا أن شرطة الآداب كانت في الماضي تلاحقهن وتحيلهن إلى أقسام الشرطة، أما الآن فلا تعير هذا الأمر أي اهتمام يذكر، وأصبحت المناطق المحيطة بفنادق بكين مرتعاً خصباً لاصطياد ضحاياهن ولاسيما الأجانب الباحثين عن اللذة والمتعة السريعة، إلا أن بكين تظل أخف وطأة بالنسبة إلى هذه الظاهرة مقارنة بمدن شنغهاي وكانتون وشنغن إذ يمارسن نشاطهن داخل الفنادق الكبيرة بحرية واسعة أما خارجها فحدث ولا حرج.

إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"

العدد 1259 - الأربعاء 15 فبراير 2006م الموافق 16 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً