لاتزال موجة الغضب في العالم العربي والإسلامي مشتعلة ضد ما يمكن أن نسميه (الحقد البغيض) على الإسلام وأهله... وإذا كان المسلمون يتجاوزون عن الإهانات التي توجه إليهم كبشر، إلا أنهم لن يقبلوا إطلاقاً أن تمس تلك الإهانات المخالفة للاعراف الإنسانية ومقولات احترام الأديان السماوية والمواثيق التي تمتلئ بها الأضابير، مقام النبوة السامي.
الرسوم الكارتونية التي لم تبتدعها الصحافة الدنماركية وحدها، بل كانت مادة خصبة لتأجيج العداء في الإعلام الغربي وعلى الدوام، لم ولن تكون هي الهجمة الوحيدة أو الأولى! لقد سبقتها كتابات وبرامج تلفزيونية ومقالات ورسوم كارتونية وضعت المسلمين في مواضع سيئة للغاية من ناحية التشبيه ولصق الصفات والتهم. فمن رسوم إلى مقالات تطالب بقصف الكعبة المشرفة إلى إنشاء مرافق ومراقص ومناطق سيئة طبقاً لتصاميم المساجد في بعض المدن الأوروبية إلى كتابة قصص أطفال وبرامج تلفزيونية فكاهية وأفلام كارتونية تبدأ بإهانة الإسلام وتنتهي بالاستهزاء بالمسلمين.
لكن هل لنا من وقفة صريحة هنا؟ ألم تنتشر بين أبناء الأمة نكت وطرائف مخزية تمس هي الأخرى مقام النبوة؟ ومن ابتكرها وألفها؟ المسلمون أنفسهم.
حتى الآن لايزال صغار العقول يتبادلون في مواقع عربية مخصصة للطرائف والنكت ما يمكن أن نسميه (إهانة بدرجة أسوأ من تلك التي تصدر من الغربيين أو الكفار إن شاء البعض تسميتهم) تشير بشكل مباشر إلى نبي الأمة (ص)، ومن العيب والخطأ الجسيم أن نسوق بعضها من باب ضرب المثل، لكنها موجودة وبكثرة حتى أنها تحولت إلى رسائل نصية ترسل عبر الهواتف النقالة!
والأنكى من هذا وأشد، تلك الكتابات التي تحتويها الكثير من الكتب في المكتبات الإسلامية التي تنقل أحاديث ومواقف لا يمكن أن يقبلها العقل لمجرد النقل وقوة المتن والسند! ففيها من التجاوز لمقام النبي الأعظم (ص) من يضع المسلمين الذين يقبلون بها ويعتبرونها من (السنة النبوية الشريفة) في مقام الاتهام أيضاً، ولاسيما علماء الأمة الذين لم يتصدوا لها ويصححوها ويرفضوا الضعيف والسيئ منها ويوضحو للأمة خطورة مثل هذه الأحاديث الموضوعة تارة والمختلقة تارة أخرى والمنقولة بصورة سيئة تارات.
لقد آن الأوان للاعتراف بأن فيما ورثناه من أحاديث مغلوطة إساءة للرسول (ص) وللدين الإسلامي، ولا ندري لماذا يستمتع بعض ممن يسمون أنفسهم (علماء) في الفضائيات وفي مؤلفاتهم وفي محاضراتهم بتأجيج الخلافات المذهبية والعيش على إحياء الصراعات التاريخية، ويهملون مسئوليتهم الأولى في الدفاع عن الإسلام بالعمل على تقوية بنيان المجتمع الإسلامي من الداخل
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ