العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ

ألم يحن وقت الفطام؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في السنوات الأخيرة أخذت وسائل الإعلام، وبالخصوص الصحافة، بالاهتمام بتغطية فعاليات موسم عاشوراء. وهو موسمٌ حافلٌ بالأنشطة والفعاليات التي تستحق التغطية من ناحيةٍ مهنيةٍ بحتة، بغض النظر عن أية ميولٍ مذهبيةٍ أو تفسيراتٍ سياسية.

ولعل بإمكان الراصد المتتبع للساحة، أن يكتشف التحوّلات الايجابية التي يلحظها الجميع، من نزوعٍ نحو الطرق الجديدة للتعبير عن المناسبة، وفتح المجال للناشئة والصغار ليعيشوا هذا الحدث التاريخي، من حيث استخدام الرسم والمسرح والتمثيل و... إلخ من وسائل التعبير الحديث.

على مستوى الكبار، تحديداً، هناك مدرسةٌ فنيةٌ تتشكّل في الأفق، مهما قيل فيها إلاّ انها تشكل واقعاً جديداً فرض نفسه للتعاطي مع المناسبة، بعيداً عن النظريات «الاسكولائية» والتنظيرات الباردة. ومن الطبيعي أن يحفل هذا الواقع بكمٍّ كبيرٍ من الانتاج، جزءٌ كبير منه خامٌ وبسيطٌ وربما بدائيٌ أيضاً، لكن هذا المحيط يعمل على صقل هذه المواهب، وبالنتيجة سيرفد الحركة الفنية بأعداد من فناني وخطاطي المستقبل.

المتتبع لموسم عاشوراء في السنوات الأخيرة، سيكتشف تطوراً نوعياً لهذا الانتاج، بسبب تراكم المعرفة والخبرات. كما يمكن ملاحظة بعض الأعمال التي تلفت النظر، من بينها لوحة الفنان إسماعيل نيروز، التي تصوّر أحد أكثر المشاهد مأسوية في بانوراما كربلاء: «رضّ الخيول للجسد الشريف». فمثل هذه اللوحة من شأنها أن تأخذ بعداً عالمياً كما هي لوحة الفنان الإيراني التي تصوّر لحظة عودة الجواد إلى المخيم واجتماع النسوة النادبات حوله يبكين.

هنا لا أتكلم كفنانٍ أو ناقدٍ فني، وإنما كمشاهدٍ ومتابعٍ يتأثر ويطرب للانتاج الجيّد، وتدهشه مثل هذه النقلات النوعية. والأمر نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للخط العربي، ففي كل موسمٍ تخرج علينا لوحاتٌ فنيةٌ بديعةٌ، تنمّ عمّا يختزنه هذا الشعب من كفاءاتٍ وقدراتٍ فنيةٍ متنوعة. وهذه الظاهرة ليست جديدةً بالكامل، وإنما هي امتدادٌ آخذٌ بالتوسع مع الوقت، فلطالما أخرج هذا الموسم فنانين وخطّاطين أخذوا مكانهم في ساحة الفن في هذا الوطن.

ربما يوحي ذلك بالمبالغة، إلاّ أن خير شهادةٍ يمكن تقديمها هي انطباعات الزوّار عن الموسم، فبعض الزملاء العراقيين مثلاً، الذين شهدوا «عاشوراء البحرين» لأول مرة، كانت انطباعاتهم تتراوح بين كلمتي «عظيم» و«بديع».

هذه التطورات، تدفعنا إلى التساؤل: ألم يحن الوقت ليس فقط للاستقلال بالانتاج الفني فحسب، وإنما أيضاً للتطلع إلى تصديره أيضاً. فهناك لوحاتٌ قماشيةٌ مازلنا نستوردها من دول الجوار، هي دون المستوى فناً وتعبيراً وإتقاناً، وربما يرجعها بعض الباحثين إلى مدارس فنيةٍ تعود إلى القرون الوسطى، قبل دخول البعد الثالث على الرسم، وتبدو للعين المجرّدة قديمةً جداً، لا تتسق مع منظور القرن الحادي والعشرين، وهي أنسب إلى الإحالة على المتحف من التعليق في مأتم حديث أو شارع عام. والسؤال: هل هي مسألة ثقةٍ بالنفس؟ أم ركون إلى كل شئ مستورد حتى لو كان لوحة فنية تجاوزها فنانونا بعشرات السنين؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً