العدد 1257 - الإثنين 13 فبراير 2006م الموافق 14 محرم 1427هـ

كيف قابلت الشخصيات مبادرة النجاتي لتعويض ضحايا التعذيب؟

«الوسط» تفتح ملف تعويض ضحايا الانتهاكات في حقبة أمن الدولة (3)

تنشر «الوسط» اليوم وثائق مهمة بشأن مبادرة الحوار مع اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب التي تبناها عالم الدين الشيخ حسين النجاتي الذي ذكر أنه مخول من جلالة الملك بإجراء هذا الحوار. وفي هذه الحلقة تنشر «الوسط» محاضر اجتماعات اللجنة مع الشخصيات الدينية والسياسية، فيا ترى كيف استقبلت اللجنة هذه المبادرة التي كانت عبر بوابة الشيخ النجاتي.

قاسم: المحاكمات مستحيلة من دون ديمقراطية حقيقية

ذكرت وثائق اللجنة أن الشيخ عيسى قاسم أكد خلال اجتماعه مع وفد اللجنة أن هناك فرقاً بين المطالبة والالتماس أو الطلب (المبعدين مثالاً) وقال: «يجب أن يكون هناك تمثيل حقيقي للمتضررين، أي أن يكون هناك توكيل من قبلهم لجهة معينة (مثل اللجنة)، رأي الجماعات الأخرى الناشطة في الساحة مهم ولكن الأهم هو رأي الآباء وأولياء الأمور هو الأصل»، وعندما سئل قاسم عن امكان المحاكمة رد قائلاً «ما لم تتبدل الأوضاع كليةً نحو ديمقراطية حقيقية فان المحاكمة مستحيلة».

سلمان يدعو للمرونة في المفاوضات

وبدوره طرح الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان نقاطا كثيرة، ورأى ضرورة أن تتم المفاوضات بمرونة «ونرى المصلحة في إنهاء هذا الملف ولدينا الكثير من الملفات التي نستطيع توجيهها ولا نريد أن يظل هذا الملف مفتوحاً، فليكن هناك اتفاق يرضي جميع الأطراف عبر المفاوضات المباشرة». ومن جانبه، أكد رئيس جمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي محفوظ أن اللجنة نجحت في أداء دورها حينما جاءت الحكومة وطرحت عليها المبادرة، مؤكداً ضرورة أن تكون اللجنة وطريقة تشكيلها واستقلاليتها التامة «بعيدة عن المسارات السياسية». وأضاف المحفوظ: «من الجيد أن يحصل الناس على المال»، وخاطب أعضاء اللجنة قائلاً: «لا تضعوا وسطاء ضعفاء، معركتكم في المفاوضات معركة كبيرة وصعبة، اجعلوا من الوسيط طرفاً ظاغطاً، ورتبوا أنفسكم مع الناس والجمعيات / لقاءات موسعة مع الناس / الشخصيات». ثم اقترح المحفوظ القيام بالفعاليات المختلفة منها: دعوة مانديلا واللقاء به، والجلوس مع جميع الجهات الحقوقية والتواصل مع الأطراف الدولية وطرح مصطلح «المصالحة الوطنية» وتجميع أكبر عدد ممكن من أعضاء الجنة وإقامة ملتقى يجمع كل الجمعيات السياسية. الناشط السياسي حسن مشيمع أكد أن المبادرة غير واضحة من حيث التفاصيل وبالأخص فيما يخص آلية التعويض، إذا افترضنا المصالحة فلابد من وجود حوار حقيقي فيه مشاركة ويجب الاتصال بالناس وتوعيتهم، وأكد مشيمع أن المفاوضات يجب أن تكون مباشرة وان وجد الوسيط فلا بأس، وألا تكون المفاوضات حاسمة «سلباً ولا إيجاباً» بمعنى ألا يعلن سقف للمفاوضات، وأن يطلب دائماً بالرجوع إلى الناس في نهاية أي حوار. ورأى مشيمع أن من الضروري طرح المسألة «كمصالحة وطنية» من خلال التعويض المناسب للمرضى المتضررين (المعتقلين / الشهداء)، وأما تقديم الذين مارسوا التعذيب للمحاكمة وأن يقدموا اعتذارات وبعد ذلك تعفو عنهم الحكومة وإبعاد المتورطين في قضايا الانتهاكات من مناصبهم الحكومية. أما الناشط السياسي عبدالوهاب حسين فأكد للجنة أن للمطالب بعدين هما البعد الحقوقي، «إذ لا يجوز التخلي عن حقوق تكفلها المواثيق الدولية والبعد الإنساني غير قابل للمساومة ولا يحق لنا المتاجرة بحقوق الناس». وأضاف: «نختلف مع الذين يريدون إغلاق الملف، يجب تحريك الملف بما يخدم المصلحة الوطنية، و إذا قلنا انه ليس لدينا مانع من التعويض ومستعدون للمساعدة مع عدم المساومة في الوقت نفسه على البعدين الإنساني والأخلاقي نكون قد مسكنا العصا من الوسط، ويجب استشارة أهل الاختصاص». ودعا حسين إلى أن تكون ورقة التعويض تصوراً من أهل الاختصاص من حيث تحديد المبالغ والمستحقين، وأكد أهمية «دعوة الجمعية العامة واستشارتها بشأن ما إذا كان ما تحقق كافياً أم لا في حال تحقق أي مطلب» مشيراً إلى ان لجلالة الملك الحق فيما يخص الحق العام والعفو عن المحكومين أما حق الناس فإن التنازل عنه من عدمه متروك لأصحاب الحق أنفسهم.

رد اللجنة على المبادرة

وبعد هذه التشاورات كتبت اللجنة ردها النهائي وجاء فيه: «ترى اللجنة أن التعويض العادل أمر سليم ومشجع وهي تدعو إليه وتطالب بالإسراع في تحقيقه، واللجنة بدورها ستساعد وتتعاون مع كل الجهات الرسمية والأهلية عبر إعطائها قوائم بأسماء (المعتقلين والمتضررين والمصابين واسر الشهداء). وتعتبر اللجنة نفسها واسطة بين الحكومة والشعب دون أن تفرض إملاءها على أحد أو تصادر حقه في المطالبة بالقصاص». وأضاف الرد «كما ترى اللجنة أن الصيغة الصحيحة لتجاوز هذا الملف الشائك إنما تكون عبر طرح مشروع متكامل (للمصالحة الوطنية) كما حدث في جنوب افريقيا والمغرب الشقيق وذلك بالتوافق بين الضحايا والقيادة السياسية لما فيه صالح الشعب والوطن. وتعتبر التعويض العادل للمتضررين والتخفيف من آلامهم خطوة في الطريق الصحيح، وتتمنى اللجنة أن تتوج كل المساعي الخيرة بمصالحة وطنية شاملة تطوي بها صفحة الماضي إلى غير رجعة».


حسين رمضان: آثار الرصاص الحي مازالت في ظهري

حسين رمضان من مواليد المنامة في العام ،1979 وهو شاب متزوج وأب لبنت لم تتجاوز شهراً واحداً، تعرض حسين لإصابة بالرصاص الحي بتاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول 1994م في السنابس في اليوم نفسه الذي سقط فيه الشهيدان هاني خميس وهاني الوسطي، وكان واحداً من كثير من المصابين في هذا اليوم، مكث حسين في المستشفى شهراً ونصف الشهر، وأجريت له عملية في أجزاء كبيرة من جسمه لمعالجة آثار الرصاص. يحكي حسين قصته لـ «الوسط» قائلاً: «اعتقلت بتاريخ 5 ديسمبر 1995م وفي هذا اليوم كانت هناك مسيرات في مدرسة النعيم الثانوية، وبعد اعتقالي اتهمت بالترتيب للمسيرة، وفي فترة اعتقالنا بعد المبادرة الأولى تعرضنا لصنوف التعذيب النفسي والجسدي من دون مراعاة للسن الصغيرة، إذ كنت ابلغ من العمر 17 عاماً، وتم الإفراج عني في ديسمبر ،96 وفوجئت برفض وزارة التربية والتعليم لعودتي إلى الدراسة سواء بالانتظام أو عن طريق المنازل، وهذا سبب تأخير تحصيلي الدراسي لمدة عامين». ويؤكد حسين ان مسألة محاكمة مرتكبي حقوق الإنسان «حق لا نتنازل عنه حتى لو تعرضت أي لجنة لضغوط عن حق المحاكمة سواء ببقاء قانون (56) أو بغيابه يكثر الكلام عن التعويض المادي، وهو لربما يعتبر عند البعض من الاولويات، ولكنه ليس كذلك لدى الكثير من الضحايا الذين يولون أهمية قصوى للتعويض المعنوي والاعتراف بدورهم في خدمة الوطن». ويقول حسين إنه «على رغم عدم تقدم ملف الشهداء وضحايا التعذيب في العام 2005 إلا اننا ننظر بأمل مع بداية هذا العام بأن تتم حلحلة هذه القضية الإنسانية والوطنية»، مؤكداً ان هذا الملف ليس ملكا لأحد، باعتباره يتعلق بشريحة كبيرة من المواطنين.


محمد العرب: بترت ساقي عندما دوّت مكبرات الصوت فجراً!

لم يكن عاديا ذاك اليوم الذي أصيب فيه الشاب محمد صادق العرب في ساقه ما أدى إلى بترها بعد يومين من الحادث. محمد من مواليد العام 1964 تعرض لإصابة بـ «الصجم» في العام 1994 في منطقة بني جمرة في اليوم نفسه الذي حوصر فيه بيت الشيخ عبدالأمير الجمري. يروي العرب قصة إصابته لـ «الوسط» قائلاً: «لقد كان ذلك اليوم حزينا، وكان يوم السبت ­ على ما اعتقد ­ إذ تفاجأنا بدوي مكبرات الصوت فجرا، وخرج رجال القرية باتجاه الصوت، ولكن قبل وصولنا إلى مكان الصوت، فوجئنا بهجوم شرس من قوى الأمن التي راحت تطلق الرصاص ومسيلات الدموع في كل اتجاه، وقامت قوات الأمن باعتقالي، ولكن لم يكفهم ذلك على ما يبدو، فأثناء توقيفي في الشارع تعرضت في تلك اللحظة لطلقة نارية مباشرة من بعد أمتار. نزفت كثيراً، وبعد ابتعاد قوات الأمن من المنطقة قام الشباب بنقلي إلى مستشفى البحرين الدولي عن طريق البر، لأن الشارع العام كان محاصرا بقوات الأمن، ثم نقلت إلى مجمع السلمانية الطبي. وبعد أن فحصني الأطباء أكدوا لي أنه لابد من قطع ساقي لكي استمر على قيد الحياة... كانت صاعقة بالنسبة لي، فلم أتخيل الأمر كذلك أبدا، ولكن لم أجد حيلة سوى القبول بالعملية، وفعلاً بعد مرور يومين أجريت العملية. محمد الذي كان يعمل في شركة الدواجن أب لأبنين وابنتين: فاطمة (الثاني الإعدادي)، زهراء (السادس الابتدائي)، محسن (الثاني ابتدائي) وياسر ذي الأربعة أشهر، ويعيل أسرته براتب تقاعدي لا يتجاوز الـ 150 ديناراً. ويقول محمد الذي كان لاعبا في كرة القدم إنه جرب أرجلا صناعية، لكنه لم يرتح عليها، وأمنيته الأولى أن توفر الحكومة له بيتا بالقرب من منزل والده في بني جمرة بدلاً من منزله في الدوار الثامن من مدينة حمد. وكم يتمنى محمد أن يعود إلى الملاعب مرة أخرى بعد أن يتماثل للشفاء

العدد 1257 - الإثنين 13 فبراير 2006م الموافق 14 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً