الاتصالات الكثيرة التي تلقيتها بعد نشر موضوع الأمس عن المتقاعدين العسكريين بينت لي بأن صحيفة «الوسط» منتشرة بقوة جبارة ومقروءة من قبل العدد الكبير من العسكريين الذين مازالوا في وظائفهم، مثلما هي مقروءة من قبل العسكريين المتقاعدين... والغريب في الموضوع هو أن معظم الاتصالات جاءت من أناس يسكنون في جزيرة المحرق، ما يبين قوة انتشار هذه الصحيفة بين المحرقاوية...
الاتصالات كانت من عسكريين ومازالوا موظفين، ومن عسكريين متقاعدين، ومن موظفين مدنيين يعملون في وزارات عسكرية... وجميعها «تقريباً» كانت تقف إلى جانب الطرح الموضوعي الذي ذكرته في مقال الأمس... وتساند الفكرة التي تقول إن العطايا والمساعدات يجب أن تشمل الجميع، أو تمنع عن الجميع حتى لا يقع الظلم على أحد... ومن الخطأ أن تشمل مجموعة دون مجموعة أخرى... وفي مقال اليوم سأوزع نوعية الاتصالات التي وصلتني إلى عدة أنواع...
النوع الأول من الاتصالات كان من مجموعة مازالت تعمل وتداوم... وهذه المجموعة تشتكي وتقول إنها لم تستفد من المكرمة الملكية بأي شيء... ولم تشملهم المساعدات على أساس أنهم من المسلمين المتقيدين بدينهم وقرض الاستبدال فيه شبهة بسبب الفوائد الكبيرة الواجب دفعها والمضافة إلى قيمة القرض الأساسية... كما أنهم لم يكن لديهم نصيب في تسلم أي قرض داخلي... وهذا ينطبق أيضاً على قرض الإسكان... لذلك نحن نحس بالتفرقة بين الاخوة الذين يعملون في الموقع نفسه... ولو سألونا عن رأينا لقلنا إنه كان من الأفضل أن توزع المساعدات لتشمل الجميع وعلى شكل هبات نقدية...
النوع الثاني من الاتصالات كان من مجموعة من المدنيين العاملين في الوزارات العسكرية... وهذه المجموعة تشتكي من عدم مساواتها مع إخوانهم العسكريين والعاملين معهم في المكتب نفسه... مجموعة المدنيين تقول إنهم يعملون بجد وإخلاص مثل إخوانهم العسكريين... وساعات دوامهم ومناوباتهم هي نفسها المطبقة على إخوانهم العسكريين... ولكنهم لم يستفيدوا من هذه المكرمة الملكية... كما أنهم لا يستفيدوا من تخفيض أقساط قروض الإسكان مثلما هو الحال مع إخوانهم العسكريين.
النوع الثالث من الاتصالات «وهي الأكثر» كان من عدد كبير من العسكريين المتقاعدين... وهذه المجموعة بطبيعة الحال كانت تشكوا أوضاعها المتردية بعد إحالتهم على التقاعد، وتقول كلاماً بعضه يقطع القلب... مع أن الشكوى لغير الله مذلة، ألا أن الإنسان الذي يده في الجمر يختلف عن الإنسان الذي يده في الماء الدافئ.
اتصالات المتقاعدين كانت تحمل كلاماً بودي لو أن المسئولين الذين وزعوا العطايا «على ناس وناس» يسمعونه... بودي لو أن المسئولين يطلبونهم في أحد الأيام ويجتمعون معهم، وبعدها يقررون إن كان هؤلاء الذين خدموهم في السابق يستاهلون منهم المساعدة أم لا... بودي لو أن أحد المسئولين يزورهم في منازلهم ويرى الأوضاع المزرية لعائلة من خدم المملكة ليلاً ونهاراً بلا تعب أو حتى شكوى من تعب... بودي أن أكتب أشياء كثيرة عن المتقاعدين المساكين ولكن أين المسئول الذي يقرأ ؟...
العجيب في موضوع تخفيض القروض على العسكريين العاملين في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني هو أن هناك موظفين عرفوا عن هذه المكرمة الملكية قبل أن تعلن بفترة كافية سمحت لهم بأخذ قروض كبيرة هم ليسوا بحاجة إليها... أخذوا قروضاً من عدة أماكن فقط حتى يلغى عنهم نصفها... ومن السهولة معرفة أسماء هؤلاء الناس الذين استفادوا من مبالغ كان الفقير المسكين أولى بها...
العسكريون المتقاعدون الذين اتصلوا بي بالأمس كانت لديهم أسئلة مهمة واقتراح مهم جداً... الأسئلة كانت متعلقة بموضوع إلغاء نصف القروض التي عليهم حتى تتحسن ظروفهم وحالتهم المعيشية... وهم يوجهون كلامهم للمسئولين السابقين عنهم ويسألونهم إن كان سيعاد النظر في أمور استحقاقهم للمكرمة الملكية... ويعاملون سواسية بمثل المعاملة التي استفاد منها إخوانهم الذين مازالوا في الخدمة...
والاقتراح المهم الذي عرضوه علي هو في ضرورة وجود أحد العسكريين المتقاعدين في مجلس النواب حتى يكون لهم صوت مسموع في الوزارات التي كانوا يخدمون بها... يقول هؤلاء الإخوة ان الصحف البحرينية تنشر الكثير من الصور عن بعض من أعضاء مجلس النواب وهم يجتمعون بالوزراء في مكاتبهم، ويستمعون لهم، وينفذون الكثير من مطالبهم... ونحن المتقاعدين الذين خدمنا بلادنا سنين طويلة نحتاج لمن يسمع شكوانا... وفي الوضع الحالي نجد الأبواب مغلقة في وجوهنا... ولا نعلم لمن نلجأ ونشكي الحال... لذلك فمن الأفضل أن يكون لنا صوت مسموع في مجلس النواب... وهذا الصوت سيوصل مطالبنا إلى المسئول الذي نسانا.
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1256 - الأحد 12 فبراير 2006م الموافق 13 محرم 1427هـ