نواصل في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة تحليلنا للأمور الاقتصادية المحلية التي تضمنتها التصريحات الأخيرة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لرؤساء تحرير الصحف المحلية. فقد ناقشنا في الحلقتين السابقتين قضيتي محاربة الفساد ومخاطر العمالة الأجنبية، لكننا نركز اليوم على أزمة الإسكان.
ثالثا: أزمة الإسكان
وجاء في تصريحات الملك »أن هدفي هو أن يحصل كل مواطن على بيت، وأن تكون الأرض حقا له دون كلفة«. جميل شعار »أرض لكل مواطن« لأنه ينصب في خانة اهتمام المواطن العادي والذي يرغب في الحصول على مسكن لائق يضمن له حق العيش الآمن.
المؤكد أن وزارة الإسكان لم تنجح حتى الآن في وضع حد لأزمة السكن بدليل تراكم الطلبات. يقال إن هناك نحو 40 ألف طلب لمختلف الأمور منها الحصول على أرض للبناء وأخرى تتعلق بالحصول على قروض ميسرة للبناء أو الترميم. ففترة الانتظار طويلة وغير واضحة في أحسن الأحوال.
كما أشار صاحب الجلالة إلى مسألة توفير سكن للمواطن ذات كلفة معقولة إذ قال »فالهدف هو توفير سكن بكلفة يستطيع تحملها المواطن«. حقيقة يتوقع المواطن العادي أن توافر الحكومة سكنا لائقا له وخصوصاً في ظل الارتفاع الجنوني للعقار في البلاد. للأسف الشديد فقد وصل الأمر عندنا بحيث يصبح حصول المواطن على قطعة أرض حلماً وبناء البيت حلما آخر.
أيضا لابد من القول ان العمل لا يقاس بالجهد بل بالنتيجة. فقد تصرف وزارة الإسكان جهودا مضنية لحل أزمة السكن في البلاد لكن في نهاية المطاف لابد من محاسبة القائمين في الوزارة بالنتائج التي تحققت بالنسبة إلى حل قضية السكن اللائق وغير المكلف بالنسبة إلى المواطن العادي.
كما لا بأس الإشارة إلى موضوع عدم توافر تخطيط متكامل للأراضي في المملكة. فقد تبين أثناء ندوة الإصلاحات الاقتصادية والتي عقدت العام الماضي برعاية سمو ولي العهد عن توافر تخطيط منظم لـ11 المئة فقط من أراضي مملكة البحرين في الوقت الحاضر ما يعني أنه يمكن تغيير مسارات وأوضاع 89 في المئة من الأراضي الأخرى. وقد تم إسناد عقد لفريق عالمي بقيادة شركة »سكديمور« الأميركية لإجراء تخطيط شامل لموضوع توزيع الأراضي في البحرين للأمور السكنية والتجارية والصناعية وغيرها، خلافا للوضع الحالي حيث هناك خلط وتداخل في المناطق. ويعرف المشروع باسم )المخطط الاستراتيجي الهيكلي الوطني لمملكة البحرين(.
أيضا يشار إلى أن الحكومة مسئولة لحد ما إلى انتشار هذه الظاهرة لأن الجهات الرسمية من فتحت البلد أمام غير المواطنين لامتلاك الأراضي عندنا.
فكل الذي حدث هو زيادة على الطلب لم يقابله ارتفاع مماثل في العرض وذلك معادلة اقتصادية تقليدية. نحن لا ندعي أن الحكومة مسئولة بشكل كامل عن ظاهرة ارتفاع أسعار العقار لأن هناك أموراً أخرى منها توافر السيولة وتدني معدلات الفائدة والمنافسة الإقليمية.
كلمة أخيرة لابد من ذكرها، وهي أن عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة أعطى توجيهاته بخصوص معالجة القضايا الاقتصادية العالقة. المطلوب الآن من السلطة التنفيذية ترجمة تصريحات الملك إلى أفعال.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1256 - الأحد 12 فبراير 2006م الموافق 13 محرم 1427هـ