افتتح عاهل البلاد المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة عصر يوم (الاربعاء) الموافق 17 مارس/ آذار من العام 2004 حلبة البحرين الدولية لسباقات السيارات.

وتفضل العاهل المفدى بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية ايذاناً بافتتاح حلبة البحرين الدولية.

بعد ذلك بدأت مراسم حفل الافتتاح في مبنى كبار الزوار نادي البادوك، إذ ألقى وزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر كلمة وقال: «إن هذا اليوم سيكون يوماً مجيداً لانه إعلان عن انجاز حضاري عالمي متميز خرج من فكر ثاقب ورؤية مستقبلية فذة لقيادتنا الرشيدة وشيد بسواعد ابناء الوطن ليكون صرحاً شامخاً يعلن لكل العالم مكان ومكانة البحرين وقدرتها على العمل والانجاز ب.

وذكر وزير الأشغال والإسكان ان كلفة أعمال تشييد حلبة البحرين الدولية بلغت 65,2 مليون دينار بحريني، وبلغت أعمال الطرق المؤدية إلى الحلبة وأعمال تحسين شبكة الطرق نحو 5 ملايين دينار، وأعمال المجاري ومصارف المياه نحو 1,8 مليون دينار، موضحاً أن الوزارة تقوم بالتخطيط لتوسعة شبكة الطرق المؤدية إلى الحلبة لتستوعب أية زيادات مستقبلية في المستخدمين لها.

وأوضح الجودر أن تجربة تنفيذ حلبة البحرين أكدت أن التعاون بين الجميع ورغبتهم الصادقة في المشاركة في عمل وطني لخدمة البحرين هو الأساس الأول للنجاح والتميز، كما أثبتت قدرة الجهات الحكومية على تنفيذ المشروعات العملاقة في أسرع وقت وبحسب الامكانات المقدرة وعلى أعلى المستويات. وفي ختام كلمته شكر فهمي الجودر كل الشركات التي شاركت في هذا المشروع العالمي العملاق. وألقى آنذاك أيضاً رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة كلمة رحب فيها بالقيادة الحكيمة، وقال: «إن هذا المشروع الوطني المتميز يعد ثمرة توجيهات الملك المفدى وشاهد اثبات على الرؤية الثاقبة لقيادتنا الحكيمة في استشراف المستقبل وتحقيق الانجازات المتتالية في مسيرة التنمية». وأكد أن مشروع حلبة البحرين الدولية هو أقل ما يمكن ان نقدمه إلى مملكتنا الغالية المنفردة بكونها الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تبني هذا المشروع الذي سيكون له انعكاسات لا حصر لها على الصعد المختلفة وتحديداً فيما يتعلق بدفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام وتثبيت اسم البحرين كركن مهم على خريطة الرياضة العالمية. وبعد كلمتي فهمي الجودر والشيخ فواز شاهد عاهل البلاد المفدى وصاحب السمو رئيس الوزراء وصاحب السمو ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع والحضور فيلماً عن سباقات الفورمولا 1. ثم تفضل الملك المفدى بتقليد رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة ووزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر وسام البحرين من الدرجة الأولى. كما قلد عاهل البلاد وسام البحرين من الدرجة الثانية كلاً من رئيس ديوان سمو ولي العهد الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة ومحمد أحمد بن سليم، جاكي ستيوارت، هيرمان تيلكي، خالد محمد عبدالرحيم وتوماس جوردن. ثم توجه مع كبار المدعوين إلى القاعة الرئيسية إذ شاهد عرضاً للسيارات: السيارة الأولى طراز 1945 وعرض السيارة الثانية طراز 1980 وعرضاً للسيارة الثالثة طراز 2003.

نصف قرن... تاريخ البحرين في رياضات السيارات

قد يظن الكثير أن سباقات السيارات من الرياضات الحديثة التي دخلت البحرين مع الشروع في عملية التنمية وإنشاء الطرق والعمران، وازدياد أعداد السيارات وتنوعها في البلاد.

ولكن الحقيقة مغايرة لذلك، فقد اقيمت أولى سباقات السيارات في البحرين مع مطلع الخمسينات من القرن الماضي. عندما كانت السيارات في تلك الحقبة مقتصرة على فئات معينة في المجتمع، تشمل أبناء العائلة الحاكمة والانجليز الذي كانوا يعملون في شركة نفط البحرين (بابكو) مع عدد من ابناء العائلات أو التجار البحرينيين، وهو ما دفعهم إلى اقامة سباقات يتنافسون فيها بسياراتهم المتواضعة آنذاك. وما ساعد على تنظيم هذه السباقات بشكل منظم ودوري تأسيس نادي البحرين للسيارات في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1952م على يد مجموعة من الشباب البحرينيين والانجليز. وكان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه الرئيس الفخري للنادي حينما كان ولياً للعهد آنذاك.

بتأسيس النادي بدأت رياضات السيارات في التنظيم، إذ قام مجلس الإدارة بجهود كبيرة في صوغ قوانين وقواعد للمنافسة. وهو ما انعكس على حجم نشاطاته وفعالياته الرياضية الكبيرة التي زادت من اهتمام الشباب ومتابعتهم لسباقات السيارات على رغم محدودية انتشارها بسبب ارتفاع أسعار السيارات وعدم انتشارها في البحرين. عموماً كانت السباقات تقام في مناطق متفرقة في منطقة العوالي والصخير. في 12 ديسمبر/ كانون الأول 1952م اقيمت أول فعالية للنادي، وكانت عبارة عن دعوة مفتوحة لاصحاب السيارات والدراجات النارية إلى المشاركة في سباق عام، واتبعت بفعالية أخرى يوم التاسع من يناير/ كانون الثاني 1953م وهي سباق البحث عن الكنز الذي استمر ساعتين. واهتم النادي آنذاك بالجانب الاعلامي وابراز أنشطته وأهدافه في المجتمع، إذ نشر في مارس/ آذار 1953م الأهداف والخطوط العريضة لبرامج النادي في مجلة القافلة والخميلة بانها تهدف الى توفير عضوية مفتوحة لكل عشاق رياضة السيارات وكل الجهات المعنية بهدف تشجيع الروح القيادية، ووضع معايير جديدة للقيادة الجيدة، والتي ستعود بالنفع على جميع الافراد ولمصلحة مستقبل البلاد.

وخلال الفترة 1952م حتى العام 1953م عقد المجلس خمسة اجتماعات إدارية، واقام ثلاثة راليات. وبلغ حينها عدد الأعضاء 34 عضواً، وكان رسوم قبول العضوية في النادي 25 روبية، ورسوم الاشترك السنوية 10 روبيات. طوال الخمسينات اقام النادي فعاليات وسباقات عدة، ما ساهم في زيادة عدد الأعضاء الى 100 عضو. فتضاعفت العضوية ثلاث مرات في العام 1958م لتصل الى 306 أعضاء. ومن أهم الشخصيات التي ضمها النادي الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، والشيخ عيسى بن محمد بن عبدالله آل خليفة، والشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، والشيخ عيسى بن محمد آل خليفة. كما ضم عدداً من ابرز العائلات التجارية كالقصيبي والوزان والمؤيد وفخرو والكوهجي واشرف وجاشنمال. ومن المحطات التاريخية المهمة لرياضة السيارات في البحرين مارس 1954م عندما أصبح المغفور له بإذنه تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رئيساً للنادي، والشيخ خليفة بن محمد آل خليفة مدير الشرطة والأمن العام نائباً للرئيس.

محطات تاريخية مهمة

أهم وأكبر سباقات السيارات في البحرين خلال حقبة الخمسينات كان في العام 1959، إذ شاركت فيه اعداد كبيرة من السيارات، وتابع السباق جمهور غفير من محبي الرياضة.

وخلال عقد الستينات شهدت دول العالم هبوطاً في الطلب العالمي على السيارات عموماً، وتراجع الاهتمام الدولي برياضات السيارات، وهو ما اثر فعلاً على الرياضة في المنطقة. وكان نادي البحرين للسيارات يسعى بخطط طموحة إلى بناء مقر خاص به في منطقة ساحل بابكو بالزلاق، ولكن نتيجة الظروف الصعبة التي مرت بها الرياضة آنذاك، ولقلة الإمكانات المادية اللازمة لتمويل المشروع تراجع نشاط النادي، وضعف الحماس الذي عاشه في الخمسينات.

ومع ذلك فقد اقام النادي سلسلة سنوية من سباقات كانت مثيرة في تلك الفترة تشمل التحدي والاثارة لصعود التلال الرملية. وفي العام 1966م جرى سباق صعود التلال السنوي السابع الذي اعتبر أكثر السباقات نجاحاً آنذاك إذ اشترك فيه 55 متسابقاً على 7 مستويات.

كما أن للبحرين تاريخاً في مجال إنشاء حلبات سباق السيارات أيضاً، إذ شيدت أول حلبة خاصة لسباقات السيارات العام 1968م بلغ طولها نحو 300 ياردة، وعرضها 10 ياردات تم رصفها بالاسفلت، وتم توفير مواقف للسيارات بجوارها تتسع لنحو 3000 سيارة.

وقد رعى المغفور له بإذنه تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها آنذاك في يوم (الجمعة) 15 نوفمبر 1968م السباق النهائي للعربات الصغيرة الذي يعد الأول من نوعه بمشاركة 28 شبلاً وكشافاً، وجرى على 21 مرحلة: 6 للأشبال، 14 للكشافة، وذلك بدعم وتمويل من مؤسسات القطاع الخاص، وقد شهد السباق أكثر من 5000 مشاهد. أما في السبعينات ومع استقلال البحرين فقد رجعت رياضات السيارات الى النشاط مجدداً، وتقدم النادي بطلب رسمي الى وزارة العمل والشئون الاجتماعية تمهيداً لاشهاره.

وعاود النادي أنشطته بسباق هضبة الرفاع الشرقي الواقعة شمال شارع عوالي وسترة العام 1972م برعاية شركة بابكو وكالتكس، شاركت فيه 56 سيارة. وفي العام التالي احتشد جمع غفير من المشاهدين لمشاهدة سباق هضبة الرفاع الشرقي الذي شارك فيه 85 متسابقا، وفي هذا السباق اُستحدث لأول مرة في البحرين جهاز الكتروني. استطاع بعد ذلك النادي أن يعمل بلائحة جديدة في يونيو/ حزيران من العام 1973م نظمت أنشطته وفعالياته ومسابقاته. وفي تلك الفترة شهد النادي اهتماماً لافتاً من حكومة البحرين لتفعيل دوره، إذ دعى مدير أمن الشرطة آنذاك الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة لتمثيل النادي في لجنة أمن الطريق.

وكانت قوة دفاع البحرين هي التي تقوم بتنظيم رالي السيارات، ولكن النادي تقدم بطلب اقامة هذه البطولة وتنظيمها، وفعلاً فقد حصل على موافقة باقامتها. وفي العام 1974م تمت الاستعانة بالنادي في تنظيم أسبوع المرور العالمي.

وأهم الانجازات التي حققها النادي خلال السبعينات تنظيم أول رالي دولي في البحرين العام 1978م، واعتبر اطول رالي دولي يقام في منطقة الخليج العربي في تلك الفترة. ويعتبر العام 1984م انتهاء لتلك الحقبة من السباقات والنشاط الحافل وبداية حقبة جديدة أخرى بحصول النادي على الاعتراف من الاتحاد الدولي للسيارات. في التسعينات، ونتيجة للظروف التي مرت بها منطقة الخليج العربي فقد تراجعت رياضات السيارات من جديد. ولكن خلال عامي 1996 - 1997م بدأت في البروز مرة أخرى مع تولي الشيخ ف