يبدو أن الحرب على الإرهاب التي تقودها ادارة الرئيس جورج بوش ستشهد انتكاسة كبرى نتيجة عدة عوامل على رأسها إصرار وسائل الإعلام الغربية على إعادة نشر الرسوم المسيئة للمسلمين، ما ولد موجة عارمة من الغضب. وطبعاً ستمد هذه الحملة المغرضة على المقدسات، «المتطرفين الإسلاميين» بأسلحة جديدة وذخيرة حية تتمثل في إمكان تجنيد عناصر كانت الى وقت قريب خاملة، ولكنها ستنشط ربما مع اختلاط الأوراق الآن، واستغلال الاحتجاجات للاعتداء على المصالح الغربية. وليس أدل على ذلك من التهديدات التي أطلقها نشطاء في كل من فلسطين، وإيران، واندونيسيا ودول أخرى أمس بالدخول في أعمال عنف إذا لم تستجب الدول الاسكندنافية للدعوات بالاعتذار. وهكذا، بعد أن كانت الدول الاسكندنافية تصنف في مصاف الدول الرائدة في نشر السلام والتفاهم، ها هي صورتها تتشوه بعد أن آثرت الفوضى في حرية التعبير على احترام المعتقدات. ومن غير المحتمل أن يتم التوجه في المستقبل الى الحكومات الاسكندنافية لتلعب دور الوسيط في أية عملية للسلام في المنطقة. وحتى جائزة نوبل للسلام التي تمنحها النرويج مثلا سينظر لها في العالم الإسلامي بعين الريبة.
علاوة على ذلك، شهدت مكافحة التطرف والإرهاب الأسبوع الماضي انتكاسة كبرى في الجبهة اليمنية تمثلت في فرار 13 سجينا من أعضاء تنظيم «القاعدة» بينهم اثنان من المدانين بشن هجومين على مدمرة أميركية وناقلة نفط فرنسية. ويمثل هذا الفرار ضربة كبيرة للجهود اليمنية والاميركية في التصدي لـ «القاعدة» على مدار العامين الماضيين. والسيناريو المرجح أن يتوجه هؤلاء المطلوبون الى أفغانستان حيث تنشط هجمات «القاعدة» و«طالبان» على القوات الدولية (يساف).
سياسياً، وفي الوقت الذي تعزز فيه ادارة الرئيس جورج بوش موازنة الدفاع لدعم القوات في العراق وأفغانستان والحرب على الإرهاب نجد أنها تراجعت عن برامجها الانتخابي المتمثل في دعم التعليم والخدمات الصحية ما قد يؤدي الى تراجع الدعم الشعبي لهذه الحرب الطويلة مستقبلا.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ