العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ

الاقتصاد الحديث

عندما تنفتح شهية التنين الأصفر )2-2(

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وحديثاً نشرت الدولية للتحليل وهي مؤسسة رائدة في توفير المعلومات عبر الإنترنت تقريراً مفصلا عن صناعة وسوق تقنيات المعلومات والاتصالات، وهما عماد الاقتصاد المعرفي، في الصين للعامين 2005 - 2006، أشارت فيه إلى أن سوق الاتصالات والمعلومات الصينية قد شهدت نموا سريعا بلغ نحو 42 مليار دولار خلال العام 2005.

ويتحدث التقرير عن تخلف الصين عن الولايات المتحدة وأوروبا في هذا المجال، إذ لا يتعدى إسهام صناعة تقنية المعلومات والاتصالات الصينية 3 في المئة في الأسواق العالمية. وبراءة الاختراع الصينية لا تتجاوز نسبتها 4 في المئة من براءات الاختراع العالمي في المجال ذاته.

لكن التقرير يعود فيستدرك مؤكدا أنه على رغم الفجوات التي تعاني منها الصناعة الصينية في هذا المجال فإن الهيكلية الداعمة لها آخذة في التطور.

من جانب آخر، يتحدث مقال نشرته مجلة مانيوفاكترنغ بزنس تكنولوجي (Manufacturing Business Technology) في عددها الصادر بتاريخ 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 عن تطلع الصين كي تكون قوة عالمية كبرى في ميادين تقنيات المعلومات والاتصالات. وتنقل المجلة عن مؤسسة غارتنر للأبحاث تقريراً يرى أنه بحلول العام 2010، وبدلا من أن نرى البضائع ممهورة، كما تقول المؤسسة بعبارة «صنع في الصين» سنقرأ مكانها عبارة «صنع بواسطة الصين». وسيشمل ذلك القطاعات الرئيسية في مجال صناعة المعلومات والاتصالات وهي: الأجهزة والمعدات، البرمجيات، خدمات تقنية المعلومات، الاتصالات، شبه الموصلات.

وترسم غارتنر ثلاث سيناريوهات لصناعة تقنية المعلومات والاتصالات الصينية خلال الخمس السنوات المقبلة هي:

1 قوة عالمية عظمى في صناعة المعلومات والاتصالات، مميزة بدرجة عالية من التدخل الحكومي والإبداع في تلك الصناعة، تؤازها صناعة متقدمة في كل القطاعات الأخرى، وقوة تصديرية في التوكيل (Outsourcing) في تقنية المعلومات، وتطوير التطبيقات، والأجهزة والمعدات. وتتحول الصين بموجب ذلك إلى قوة رائدة في تحديد المعايير العالمية، وفي الوقت ذاته يبدأ المجتمع الصيني في احتضان تلك الصناعة ورعايتها والحفاظ على ضمانات استمرار تطورها.

2 جمود اقتصادي، يقلص تصدير تقنيات المعلومات والاتصالات، يصحب ذلك تدخل حكومي يتضارب مع الابتكارت الضعيفة الأمر الذي يحصر التكنولوجيا الصينية في الملكية المحلية ويحصر الصادرت في تلك غير الاستراتيجية. وتتنحى الصين حينها بنفسها عن وضع المعايير.

3 مولد اقتصادي، وتدخل حكومي محدود، تميزه بعض مكامن القوة، وتدخل حكومي مقلص إذ تزدهر الشركات المبدعة، وتصارع الأخرى بحثا عن رأس مال تصبح أسواق المال والبورصات وكذلك الاستثمارات المولدة في السوق المحلية الداخلية هي التي تقف خلفه. عندئذ ستستمر الفجوة الرقمية وكذلك القرصنة، لكن ستدافع صناعة المعلومات والاتصالات عن نفسها وستشق طريقها معتمدة على إمكاناتها الذاتية. وستساهم الصين في تطوير المقاييس.

هذه السيناريوات التي ترسمها غارتنر لمستقبل الصين تبدو بعض ملامحها في الاقتصاد الصيني المعاصر.

فتركز الفائض التجاري، الذي جئنا على ذكره في مقدم المقال، في مجال الصناعات التحويلية على سبيل المثال، لا يعني ابتعاد صناعة التكنولوجيا عنه، فهي الأخرى لها حصة كبيرة في الاقتصاد الصيني. فقد أعلنت وزارة الشئون التجارية الصينية ان اجمالى حجم واردات وصادرات الصين من منتجات التكنولوجيا الجديدة والعالية المستوى بلغ 249,9 مليار دولار أميركي خلال الثمانية شهور الاولى من العام 2005 بزيادة 26,1 في المئة عن الفترة نفسها من العام 2004، ومنها 120,4 مليار دولار أميركي للواردات و129,5 مليار دولار أميركي للصادرات بزيادة 19,6 في المئة و32,9 في المئة على التوالي واحتل حجم الصادرات 27,2 في المئة من اجمالي حجم صادرات التجارة الخارجية الوطنية.

وقال مصدر مسئول في قسم العلوم والتكنولوجيا في وزارة الشئون التجارية الصينية ان هذه المنتجات الواردة والصادرة خلال الفترة الزمنية المذكورة لها اربع مزايا:

1 انها حققت اختراقا جديدا في اغسطس/ آب الماضي ليصل حجمها إلى 36 مليارا و550 مليون دولار أميركي بزيادة 31,7 في المئة وسجلت رقما قياسياً تاريخياً جديدا في الشهر الواحد.

2 ان حجم الزيادة التراكمية في الواردات والصادرات حافظ على مكانة الصدارة باطراد وارتفعت زيادة كل منهما عن زيادة مثيلتيها في التجارة الخارجية الصينية بـ 2,6 و4,7 نقطة مئوية على التوالي.

3 ان الفارق التجاري خلال الثمانية شهور الاولى فاق 9 مليارات دولار أميركي لصالح الصين.

4 ان صادرات الصين المهمة من منتجات التكنولوجيا الجديدة والعالية المستوى واصلت زيادة في الكمية وارتفاعا في الأسعار.

الهم البيئي

وفي سياق تهيئة بينتها التحتية لملاءمة متطلبات الاقتصاد الحديث تولي الحكومة الصينية المزيد من الاهتمام لقواعد البيئة ومقاييسها المعمول بها عالميا. ففي صناعة السيارات على سبيل المثال لا الحصر، تتقيد الحكومة الصينية بمقاييس بيئية صارمة في بناء المصانع وإنتاج السيارات وقطع غيارها ومحركات تسييرها. وقد طور معهد تشون شياو للسيارات العاملة بالبطاريات في مدينة داليان سيارة عامة عالية القوة تعمل بالبطاريات وسيارة صالون آلية السرعة تعمل بالبطارية.

وظهر هذان النوعان من السيارات في المنطقة التنموية في مدينة داليان يوم 6 فبراير/ شباط الجاري، ما ضمن سيارات سريعة وصديقة للبيئة ذات ملكية فكرية مستقلة وحل الكمبيوتر محل المحرك الآلي، ومن دون وجود عوادم في مؤخرة السيارة ومن المخطط ان يدخل هذان النوعان من السيارات طور الانتاج بالكمية التجارية في النصف الثاني من العام الجاري.

وبالمقارنة مع السيارات التي تعمل بالوقود يمتاز هذان النوعان من السيارات بصفر الانبعاث ولاشيء حدة الضجيج، من دون تلويث البيئة، ناهيك عن انخفاض الكلفة.

وفي السياق ذاته المزاوج بين استخدام تطبيقات تقنيات المعلومات والاتصالات، مع الحفاظ على بيئة صحية نظيفة، ستمتلك مدينة بكين قريبا سيارة لفحص التلوث النووي والاحيائي والكيماوي. ويمكن لهذه السيارة ان تدخل الى موقع التلوث النووي والاحيائي والكيماوي وذلك يرفع الى حد كبير قدرة بكين على الاستطلاع والفحص للتلوث النووي والاحيائي والكيماوي. وقد بلغت كلفة صناعة هذه السيارة نحو مليون دولار أميركي، وتستخدم في الفحص النووي والاحيائي والكيماوي وهذا الفحص هو الاول من نوعه في الصين.

يذكر ان هذه السيارة يمكن ان تستخدم في الفحص الميداني للتمييز بين المركبات الصناعية السامة والمواد الخاصة لصنع الاسلحة البيولوجية الكيماوية ويمكن فحص المركبات العضوية بدقة في غضون عدة دقائق فقط.

وسعيا منها لتوطين التكنولوجيا الحديثة بدأ ت الصين في نقل تكنولوجيا إنتاج اجنحة طائرة 320 ايه من شركة طائرات اير باص الى شركة تابعة لمجموعة شيآن لصناعة الطائرات ابتداء من 31 مارس/ آذار.

في العام 1999. وعقدت شركة اير باص مع الصين اتفاقاً لنقل تكنولوجيا اجنحة طائرة 320 ايه وخطا انتاجيا إلى الصين على مراحل لجعل الصين تقدر على انتاج اجنحة طائرات هذه الطائرة.

وتعد الصين اول دولة غير اوروبية تتعاون مع اير باص. وشاركت 5 مؤسسات صينية لصناعة الطائرات في انتاج قطع طائرات اير باص هي: مجموعة شيآن لصناعة الطائرات ومجموعة شنيانغ لصناعة الطائرات ومجموعة تشنغدو لصناعة الطائرات وشركة هونغيوان للصناعة الجوية ومجموعة قويتشو للصناعة الجوية.

ولتأكيد ما ذهبنا إليه من متانة الاقتصاد الصيني بشقيه: التقليدي والحديث، نورد ما جاء في تقرير من غولدما ساكس Goldman Sachs حول احتياطي النقد الأجنبي الصيني، فقد توقع أحدث تقرير اصدرته شركة غولدمان ساكس ان يتجاوز احتياطي النقد الأجنبي الصيني اليابان في الربع الأول من العام الجاري لتصبح الصين اكبر دولة في العالم بشأن احتياطي النقد الأجنبي.

وذكر التقرير ان معدل نمو اجمالي الناتج المحلي الصيني وصل الى 9,6 في المئة خلال 27 سنة مضت وذلك اعلى من قبل ذلك بنسبة 9,2 في المئة.

وترى غولدمان ان هذا قد تجاوز اي نمو اقتصادى في العالم باسره من حيث سرعة النمو ووتيرته على حد سواء، وكل ذلك يعكس ان النمو الاقتصادي الصيني أكثر صحة مما يتوقعه الكثيرون في الخارج.

لقد انفتحت شهية التنين الصيني فما هي الأسوق التي ستكون من ضحاياه؟ وما هي تلك التي ستجرؤ على منافسته؟ وأين تلك التي ستقف في وجهه؟ وأخيرا أين سنقف نحن العرب من تلك الظاهرة؟

لقد فاتنا قطار السوق الهندية التي راكمت الرساميل العالمية فوائد ضخمة من وراء الاستثمار فيها، وولدت خدمات ومنتجات ذات قيم إضافية متنامية، بالمفهوم الاقتصادي، من وراء الانتباه المبكر لمزاياها، بينما اكتفى الاقتصاد العربي باستيراد أسوأ الأيدي الماهرة وغير الماهرة منها.

الصين قادمة مادة أيديها ومشرعة أبوابها فهل نراوح أسرى في واقع الانشداه والتأليه - كما قال مراسل إيلاف - للنمط الغربي من الإنتاج

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً