العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ

سؤال العنف في «العاطلين عن العمل»!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

لو فتشنا في ذهنية «الحرب» لوجدنا «السلام» متمركزاً فيها، فالسلام هو هدف الحرب. لو كنت رئيس دولة ما، وقررت الحرب على دولة أخرى، وسألني أحدهم: لماذا الحرب والعدوان؟، سأرد : من أجل السلام أحارب. سيكون عليّ كذلك، أن أنظر بطرف عيني إلى الأعلى، لأعطي إشارة رمزية على بعد النظر الذي اتحلى به في ذلك الموقف.

السؤال الذكي يحتاج إلى إجابة ذكية تماثله قوة، والسؤال الغبي لا تتبعه إلا إجابة أغبى. السؤال الغبي هو أن تسأل في حال العنف لماذا؟، و«مكافيللي» أمير الحرب، وفر للساسة قادة العنف إرثاً معرفياً وافراً في الإجابة على أسئلة من شاكلة، لماذا الحرب، القتل، الاضطهاد، التعذيب، التجسس، القمع، وصولاً إلى السجن.

اعتقد، السؤال الذكي في العنف والحرب هو «ماذا؟»،وهنا تبدأ الدبلوماسية، وتبدأ متراجحة العنف في الهدوء والضمور، فماذا، تستوجب إجابة طويلة، لا تحتمل حدية الإجابة عن «لماذا؟»، ماذا سؤال سهل في سرد الإجابات، و«لماذا» سؤال يتسم بالثقل!

ما بين «لماذا» و«ماذا»، بحث في النتائج والمسببات. سؤال «لماذا» يبحث عن نتيجة، والعاطلون عن العمل سألهم الجميع «لماذا؟»، ولم تسألهم الحكومة أو المعارضة أو الصحافة عن «ماذا» يجري؟، لذلك كانت إجاباتهم «حادة»، ومتمثلة عبر «عنف الشارع»، كان سؤال «لماذا العنف؟» أكثر إلحاحاً عن سؤال «ماذا بكم؟»، وما الذي كنتم تعانون منه.

حينما تميل إلى محادثة أحدهم بلغة ما، وتجد أن الحوار وصل إلى منطقة «لا تفاهم» فيها، قد تميل - عفوياً - إلى شتمه بلغة مختلفة، وفي الغالب يكون الطرف الآخر مدركاً إلى أنك تقوم بشتمه فعلاً، لذلك يبدأ العراك.

العنف في حقيقته «لغة حوار»، هو «إشارات أزمة» لطرف لا يريد أحد ما أن يسمعه أو يفهمه، وإذا كان وزير العمل يعتقد أن توفير أعمال برواتب مخجلة يعتبر «سماعاً» أو «تفهماً»، فالحقيقة أن العملية تحتاج إلى مراجعة جادة من قبله، هو بالكاد «سمع» بالمشكلة، ولما يستطع تفهمها.

ما بين «السماع» و«التفهم»، خط من العنف المتوقع، وثمة ما بين هذين الحدين منطقة من الفوضى، هذه الفوضى تجر معها ما قبلها من نقاط لم يفهمها أحد في ملفات أخرى، وحين يغضب الإنسان من شيء ما، فهو لا يستطيع «التركيز»، وحين تطالبه بالتركيز، فأنت لا تراعي دبلوماسية العنف.

«العنف» فاصل بين السماع والفهم، حين يحدثك الآخر، ولا تهتم بالحديث، قد يعطيك إشارة إلى ضرورة الاهتمام بما يقول. عند استجابتك للحوار وتبيان حرصك على المشاركة، فإنك تكسر منطقة العنف، وحين تتغابى، أو تتصرف بفوقية، فأنت كالذي يقول «أمامك الحيطة اضرب رأسك بها»، ولأن الإنسان لا يميل غالباً إلى ضرب رأسه بالحائط، فإنه قد يرمي للحائط رأس إنسان آخر

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً