تضمنت التصريحات الصحافية والتي أدلى بها حديثا صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الكثير من المسائل الاقتصادية الحيوية. وجاءت تصريحات الملك أثناء لقائه رؤساء تحرير الصحف المحلية. بخصوص المسائل الاقتصادية تخللت التصريحات إشارات للأمور المحلية الآتية: 1 محاربة الفساد المالي والإداري،
2 مخاطر العمالة الأجنبية، 3 أزمة الإسكان.
أولا: الحرب على الفساد
بخصوص الفساد المالي والإداري فقد أعلن جلالة الملك: «لا يمكن أن يقبل أحد بوجود فساد في بلده والحرب معلنة على الفساد، وعلى المكلفين محاربة هذه الأمور أن يقدموا الحلول. ان أسوأ شيء هو فساد أجهزة إدارية أو مالية، وعلى هذا الأساس لدينا الآن ديوان الرقابة المالية لتعزيز النزاهة والثقة...» الشيء المؤكد أن التجاوزات المالية والإدارية باتت من الأمور الروتينية في عمل مؤسسات الدولة. وقد فصل تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 الكثير من هذه التجاوزات سواء في الوزارات أو الأجهزة الحكومية أو المؤسسات الوطنية.
على سبيل المثال وليس الحصر، فقد أشار التقرير إلى حدوث تلاعب لدى وزارة الكهرباء والماء فيما يخص تنفيذ مكرمة سمو رئيس الوزراء للعام 2004 بخصوص إسقاط المبالغ المستحقة على المواطنين والأسر المحتاجة. فلم تحصل 352 أسرة (من أصل 2183 أسرة) محتاجة على المكرمة لكن بالمقابل تم تنفيذ الإعفاء على أفراد من الأجانب فضلا 23 من العائلة الحاكمة وأحد الوزراء و4 وكلاء و6 وكلاء وزارة مساعدين.
يذكر أن صاحب الجلالة كان أعلن في الخطاب السامي بمناسبة العيد الوطني المجيد عن رغبته في تشكيل «ديوان للرقابة الإدارية» بيد أنه لم يحدث شيء حتى هذا التاريخ. لا شك أن الحاجة ماسة لمثل الجهاز لضمان الكفاءة والنزاهة في الدوائر الرسمية. وقد كشف تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير عن الكثير من الأخطاء الإدارية في الدوائر الرسمية. على سبيل المثال أشار التقرير إلى وجود تصرفات غريبة في وزارة الداخلية مثل اعتمادها على نظام السجلات اليدوية لتدوين الإيرادات ما يفتح المجال أمام وقوع أخطاء فضلاً عن عدم احتفاظ الوزارة بقائمة مستحدثة فيما يتعلق بالعقود المبرمة مع أطراف خارجية وتاريخ انتهائها.
إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى حدوث تجاوزات كثيرة ومتنوعة في الأوقاف الجعفرية مثل تأخير مطالبة أعضاء من مجلس الإدارة للإيجارات المستحقة عليهم. كذلك نبه التقرير إلى حالات من استغلال الأراضي من دون عقود فضلا عن استمرار تجديد عقود إيجار بعض الأراضي بأسعار رمزية مقارنة بالأسعار السائدة في السوق.
بدورنا نؤكد مساندتنا لتصريحات الملك بخصوص إعلان الحرب على الفساد ونرى أن مواجهة هذه الآفة باتت من أولات العمل الوطني. كما نؤيد تصريحات الملك بخصوص ضرورة تقديم المكلفين بمحاربة الفساد الحلول الناجعة. فمجرد الإشارة إلى وجود الفساد المالي والإداري لا يكفي بكل حال من الأحوال وذلك نظرا إلى ظاهرة الفساد.
وفي هذه العجالة لا بأس بالإشارة إلى ترتيب البحرين الدولي في محاربة الفساد. فقد حلت البحرين في المرتبة رقم 36 على مستوى العالم في تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2005. بالمقارنة حققت البحرين المرتبتين 34 و27 في العامين 2004 و2003 على التوالي، ما يعني استمرار مسلسل التراجع. نواصل حديثنا يوم غد (الأحد).
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ