ما الذي يجمع الاثنين؟ أما صدّام فتعرفونه كلكم، على الأقل في الأعوام العشرين الماضية، وكيف انتهى إلى حفرة في الأرض، جرذاً هارباً ذليلاً مرعوباً، وكانت لحيته أطول من 9 بوصات. وقد شهدتم كيف انتهى بطل الحفر والمقابر الجماعية إلى حفرة صغيرة كالقبر، ما عدا مروحة تهوية كالتي تستخدم في دورات المياه المنزلية في السقف! وكان من مآثره الكثيرة انه ضرب قبر الحسين (ع) بالمدفعية يوم كان متربعاً على ملك العراق ونادى: «قم، أنت حسين وأنا صدام حسين».
أما زميله يزيد، فمازالت فئاتٌ من المسلمين تجهل حقيقته، وبعضٌ آخر مازال يدافع عنه ويترحّم على روحه الشريفة مع علمهم التام أنه قتل حفيد آخر النبيين. بل ويتمنى على الله أن يلحقه بجنته ويزوّجه من الحور العين، وربما يزداد وقاحةً بأن يتمنى أن يجلسه الله على ضفاف الكوثر، ليتناول وجبة الغذاء مع رسول الله (ص)... فهكذا تلعب بعقولهم الأباطيل.
هذا المخلوق وجد نفسه في غفلةٍ من المسلمين على رأس الدولة الاسلامية في ذروةِ صعودها العسكري، ولم يكن مؤهلاً لهذا المنصب الرفيع، فقد كان مراهقاً نزِقاً طائشاً مستبداً بالأرواح والأعراض، يفتقر إلى أيّ مؤهلٍ سياسيٍّ أو دينيٍّ أو حتى معرفي، فهو نتاج التربية الفاسدة المدللة في قصور الشام، ولم يكن يؤتمن على إدارة عائلة، فكيف توكل له مسئولية دولةٍ تمتد من المغرب إلى تخوم الهند؟
ولكي لا نتهم بالافتراء على «خليفة المسلمين»، ننقل عبارات المؤرخين المسلمين الاوائل: «كان يلعب بالفهود والقرود، ويلاعب القيان (الراقصات)، يشرب الخمر، ومعلن بالفسق، وقاتل النفس المحترمة...»، ومع ذلك «عنزٌ ولو طار»!
وإذا كنتم تعرفون كيف انتهى زميله صدام في حفرة، فإن الكثيرين لا يعرفون كيف كان مصير الحبيب يزيد، بعد أن جمع الفضائل من أقطابها: قتل الحسين، وضرب الكعبة بالمنجنيق (أي مدفعية ذلك الزمان)، وموقعة الحَرّة التي استباح فيها حرم مدينة رسول الله (ص). فهذه هي انجازاته الكبرى خلال ثلاثة أعوام فقط، ولا ندري ماذا كان سيصنع بالمسلمين والعالم الاسلامي أجمع لو بقي 30 عاماً مثل صدام!
وإذا كنتم تتابعون آخر فصول حكاية صدام وهو ماثلٌ أمام المحكمة، فلا بأس من التذكير بآخر فصول حياة صاحبه يزيد. فينقل المؤرخون انه خرج في رحلة صيد، وفي غمرة الطراد وراء الفريسة، سقط من على صهوة الحصان، ولكن رجله علقت بالركاب، فأخذت الخيل تجري به حتى تقطع جسده أشلاء، فلم يبق له في الأرض قبر ولا أثر. تلك عقبى الذين ظلموا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، حينئذٍ لن تنفعهم أمنيات العشّاق والمحبين، ولا دعوات الدعاة (الباصقين)! هنالك لن تستقبلهم موائد الغذاء على ضفاف الكوثر كما يأمل النواصب والمبغضون، وانما سيجدون ما عملوا حاضراً، تلفح وجوههم النار جزاء بما كانوا يعمل
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ