خبر سريع ومقتضب نشرته صحيفة «إيلاف» الإلكترونية عن مراسلها في إيطاليا يتوقع فيه أن تصبح الصين بحلول «العام 2040 أول دولة في العالم من حيث الثروة المنتجة». ويدعونا الخبر إلى «أن ننظر الى العالم من طريق عيون مختلفة تبتعد عن نموذج العيش الاستهلاكي الأميركي وتقترب أكثر فأكثر إلى النموذج الصيني». ولا غبار على ما توقعه مراسل «إيلاف».
يؤكد هذه الدعوة وينسجم معه النمو الذي تشهده التجارة الخارجية الصينية التي سجلت، وبحسب أقوال رئيس مصلحة الدولة للاحصاء الصينى لي ده شيوه، 101,9 مليار دولار أميركي من الفائض التجاري الصيني في 2005 بزيادة 69,9 مليار دولار أميركي عن 2004.
واشار شيوه إلى «ان حجم التجارة الخارجية الصينية قد بلغ 1,4 تريليون دولار أميركي في 2005 بزيادة 23,2 في المئة قياسا بالعام السابق». وبلغت الصادرات الصينية 762 مليار دولار أميركي في العام الماضي بزيادة 28,4 في المئة على اساس سنوي، في حين بلغت الواردات 660,12 مليار دولار أميركي بزيادة 17,6 في المئة.
ووصل احتياطي النقد الأجنبي الصيني بنهاية العام 2005 إلى 818,9 مليار دولار أميركي، بزيادة 208,9 مليارات دولار أميركي بالمقارنة مع ذلك بالعام الماضي.
وحدد نائب وزير التجارة الصيني يو قوانغ تشو سمات ثلاث للفائض التجاري للصين للعام الماضي هي:
1 اختراق أسواق الدول المتقدمة صناعيا، فمن المتوقع أن يتجاوز الفائض التجاري للصين 100 مليار دولار أميركي مع الولايات المتحدة و63 مليار دولار مع أوروبا.
2 تركز الفائض التجاري في مجال الصناعات التحويلية، الذي تجاوز حتى الآن 125 مليار دولار.
3 تمحور الفائض التجاري حول الشركات ذات الملكية الخاصة، والشركات ذات التمويل الأجنبي إذ تجاوز 60 مليار دولار، وبلغ نحو 50 مليار دولار تقريباً فيهما على التوالي.
سوق السيارات
وتلعب صناعة السيارات الصينية دورا مميزا في الاقتصاد الصيني وفي تحقيق ذلك الفائض. وعن هذا الموضوع يؤكد اتحاد صناعة السيارات الصينية ان سوق السيارات الصيني استمر في الحفاظ على نمو سريع ومستقر في العام 2005، إذ تم انتاج 5 ملايين و707 آلاف سيارة في ذلك العام، وتم تسويق 5 ملايين و758,2 ألف سيارة ذات المنشأ الوطني بزيادة 12,55 في المئة و13,54 في المئة على التوالي عن العامين السابقين. ومع استيراد نحو 160 ألف سيارة في العام 2005، تجاوز الحجم الاجمالي لسوق السيارات الصيني بـ 5,92 ملايين سيارة سوق اليابان بـ 5,80 ملايين سيارة محلية محتلاً بذلك المركز الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة.
وفي العام 2005، حافظت سوق السيارات الصينية على النمو السريع المناسب في اثناء المنافسات الحادة. فقد وصل اجمالي حجم سيارات الركاب ذات المنشأ الوطني التي تم انتاجها في العام 2004 الى 3 ملايين و930,7 ألف سيارة، تم تسويق 3 ملايين و971,1 ألف سيارة بزيادة 19,7 في المئة و21,4 في المئة على التوالي عن العام السابق وذلك اعلى من مستوى النمو بنسبة 15,17 في المئة في العام 2004.
ويرى رئيس قسم الموارد المعلوماتية التابع لمركز الدولة للمعلومات شيوي تشانغ مينغ بان سوق السيارات الصينية حققت خلال فترة «الخطة الخمسية العاشرة» نموا سريعاً، اذ ارتفع حجم استهلاك السيارات من مليونين و731 ألف سيارة العام 2001 إلى قرابة 5 ملايين و920 ألف سيارة في العام 2005، وارتفع نصيبها في سوق السيارات العالمية من 4,3 في المئة العام 2001 إلى 8,7 في المئة العام 2005. ان حجم نمو سوق السيارات الصينية يمثل 23,2 في المئة من حجم نمو سوق السيارات العالمية، اذ شهدت مكانة الصين في سوق السيارات العالمية ارتفاعاً ملحوظاً، ليصبح جزءا لا ينفصل عن سوق السيارات العالمية.
ويتوقع اتحاد صناعة السيارات الصيني ان تظل سوق السيارات الصينية تحافظ على النمو بنسبة 10 في المئة الى 15 في المئة في العام 2006، ويتراوح حجم مبيعات السيارات الصينية في هذا العام بين 6,40 ملايين سيارة و6,60 ملايين سيارة.
وبحسب الاحصاءات من وزارة التجارة الصينية بكين فقد تجاوزت صادرات السيارات في الصين وارداتها في العشرة اشهر الاولى من العام 2005 ولاول مرة بمقدار 7 آلاف سيارة. فقد بلغت صادرات السيارات في الصين 135 ألفاً في فترة يناير/ كانون الثاني، من العام 2005 بزيادة 133,6 في المئة عن الفترة نفسها من العام 2004 ووارداتها 128 ألفاً بانخفاض 11,6 في المئة على اساس سنوي.
ومن حيث أسواق الواردات والصادرات صدرت الصين سيارات رئيسيا الى دول نامية في آسيا وافريقيا مثل سورية والبانيا وفيتنام. واستوردت الصين سيارات رئيسيا من دول متطورة مثل اليابان والمانيا والولايات المتحدة.
هذا، وتشكلت في الصين سلسلة صناعية متكاملة لانتاج السيارات تهيئ ظروفا ملائمة لتوسيع تصدير منتجات السيارات. وليس فقط ان توسيع السيارات وقطع غيارها لديه القدرة على توسيع منتجات الماكينات والالكترونيات الصينية فحسب بل ان هذا موضوع مهم لتحويل نمط زيادة التجارة الخارجية وتحسين هيكل الصادرات.
سوق الطائرات
ستحتاج شركات الطيران المدني الصينية الى 2541 طائرة جديدة في الـ 20 سنة المقبلة بفضل التطور السريع لسوق النقل الجوي الصيني. ويتوقع أن تصل الزيادة السنوية لحجم نقل الركاب بالطائرات الى 8,4 في المئة في العقدين المقبلين وحجم نقل الركاب الى 890,2 مليار شخص بحلول العام 2024. وان نسبة الزيادة لحجم البضائع المنقولة جوا ستبلغ 11 في المئة سنويا حتى يصل هذا الحجم الى 57,9 مليار طن كم في العام 2024. ومن المتوقع أن يكون لدى الصين 3165 طائرة بنهاية العام 2024 منها 1896 طائرة ركاب نفاثة ضخمة و821 طائرة صغيرة و448 طائرة شحن مدنية.
ومن 2541 طائرة تحتاج اليها الطيران المدني الصيني 77 طائرة ذات 400 مقعد و250 طائرة ذات 300 مقعد و338 طائرة ذات 200 مقعد و802 طائرة ذات 150 مقعداً و276 طائرة ذات 110 مقاعد و798 طائرة صغيرة لا يتجاوز عدد مقاعدها 100.
وعلى الطريقة الصينية تحرص الصين على أن تتوج عمليات الاستيراد من الخارج ببدء التصنيع للبضائع المتسوردة. ونجحت الصين حديثاً في تصميم طائرة ركاب جديدة تطير على الخطوط الفرعية. وقد تلقت 4 مصانع محلية 90 في المئة من صورة التصميم للطائرة.
وطائرة ايه ار جيه 21 هي اول طائرة ركاب مدنية من تصميم وصنع الصين، ونوع جديد من الطائرات ذات المحرك النفاث المروحي على الخطوط الفرعية. ومن المتوقع ان تدخل طور الخدمة العام 2008 وحتى الآن تلقت 35 طلباً من شركات طيران محلية. وبدأ مشروع التصميم في مارس/ آذار العام 2004 واشترك فيه خبراء من شانغهاي شرق الصين وشيآن شمال الصين الغربي.
وفي سياق الالتزام بالسلوك الآسيوي يتوازى الاهتمام بتلبية الحاجة المحلية التوجه نحو الأسواق العالمية، وقد صدرت الصين 80 طائرة صينية الصنع من طراز كيه 8 إلى مصر، كما وقعت عقودا معها وباكستان بشأن مواصلة تصدير 67 أخرى اليهما.
ويشار الى ان المجموعة الثانية للطيران الصينية تولت مهمات بحث وصنع هذا النوع من الطائرة اضافة إلى بحث وصنع المروحيات والطائرات العادية خلال الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية 2001 - 2006.
السياحة
وتحتل السياحة مكانتها الخاصة في الاقتصاد التقليدي الصيني نظرا إلى ما تحتضنه الصين من مواقع سياحية أثرية ودينية. وقد بلغ اجمالي الايرادات السياحية لعيد الربيع الصيني 1,4375 مليار دولار أميركي في الاسبوع الذهبي في مقاطعتي جيانغسو وتشجيانغ وبلدية شانغهاي الواقعة شرق الصين واحتل ذلك نحو 33 في المئة في اجمالي الايرادات السياحية الصينية في هذه الفترة.
كما جذبت سلسلة النشاطات السياحية كثيرا من السياح الصينيين والاجانب مثل السياحة ذات الخصائص الريفية والاحتفال بعيد الربيع من خلال الاسلوب التقليدي الصيني في الارياف والسياحة الفردية بالسيارات الخاصة. وسجل عدد السيارات القادمة الى شانغهاي 208,9 آلاف في 29 يناير، 4 فبراير/ شباط بزيادة 16,8 في المئة.
اضافة الى ذلك استقبلت البحيرة الغربية المشهورة بمدينة هانغتشو 2,3510 مليون سائح صيني وأجنبي في هذه الفترة بزيادة 71,85 في المئة قياسا إلى الفترة نفسها من العام الماضي، وكذلك استقبلت مدينة هانغتشو 3,0922 ملايين سائح بزيادة 61,93 في المئة. وبلغ اجمالي الايرادات السياحية 226,25 مليون دولار أميركي بزيادة 17,2 في المئة.
تلك كانت أهم معالم ومرتكزات الاقتصاد الصيني التقليدي الذي نجح في استقطاب الرساميل الأجنبية، ويبدو أنه الآن يغري الكثير من الشركات العالمية على الاستفادة من حجم السوق وتوافر المهارات المحلية غير الباهظة الكلفة في إنشاء فروع صناعية لها هناك، معتمدة على اقتصاد تقليدي متين يتنامى باستمرار وبوتيرة سريعة. أما بالنسبة إلى الاقتصاد الصيني الحديث فستتناوله الحلقة الثانية من هذا المقال.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ