زمان... عندما كنت صغيرأ... لم تكن في منازلنا خزانات مياه تعبأ من مواسير مرتبطة بخزانات حكومية كبيرة... كنا نعتمد على أناس (رجال في الغالبية) ونسميهم السقاية... ومهمة هؤلاء الناس جلب المياه الصالحة للشرب إلى المنازل... وتخزن هذه المياه في نوعين من الخزانات الفخارية الصغيرة... نوع يسمى الحب (بكسر الحاء) والماء الذي يخزن فيه للشرب... ونوع يسمى الجحلة (إيحلة بحسب النطق القديم للمحرقاوية) والماء الذي يخزن فيها يستخدم لغسل اليد والأواني، وأحياناً للاستحمام.
في الغالبية تتم عمليتا الاستحمام وغسل الملابس في العيون المنتشرة في المناطق والفرجان وليس في المنازل... هاتان العمليتان عادة ما تتمان في الليل وبعد صلاة العشاء من قبل نساء كل عائلة على حدة.
نساء كل عائلة يجمعن الملابس التي تحتاج إلى غسل.. ويضعنها في أوان معدنية تسمى الطشوت (ومفردها طشت).. ثم يلففن قطعة من القماش على رؤوسهن (حتى تتم عملية موازنة الطشت عند وضعه على الرأس).. ويأخذن الملابس والأطفال أيضاً إلى العين لتتم عملية الغسل والاستحمام، ثم تحميم الأطفال.. العين هي عبارة عن بناء إسمنتي مقام على بئر إرتوازية وإلى جانبها مضخة كبيرة لجلب المياه إلى الأعلى... وهي بناء منقسم إلى قسمين متلاصقين... قسم للرجال وبه مدخل مفتوح إلى جهة... وقسم للنساء ومدخله في الجهة المعاكسة.
في منطقتنا بالمحرق توجد عينان... العين القريبة لنا وتسمى العين الدونية (يعني القريبة) وتقع بالقرب من مسجد سند.. والعين الأخرى اسمها عين الحمر وهي في آخر المحرق وبالقرب من حالة بوماهر.
أهلي عادة ما يذهبن إلى العين الدونية... هن مع مساعديهن يتولين مهمة غسل الملابس بينما نحن الأطفال نلعب لعبة الخشيشة خارج العين... وأحياناً نلعب في الرمال الموجودة ونوسخ أنفسنا على أساس أننا سنستحم (على أية حال) بعد أن ينتهي أهلنا من عملية التغسيل ويتم استدعاؤنا لعملية التحميم... كانت حالة بوماهر مرتبطة بجزيرة المحرق من ناحيتين... من ناحية الغرب (وتسمى الجبلة أو القبلة) كانت مرتبطة عن طريق فريق الصنقل، وهو يمر على بيوت فخرو والدوي وينتهي ببيت الجلاهمة... ومن ناحية الشرق هو جسر ترابي يبدأ من عين الحمر وينتهي عند بيت سيف آل ثاني وبيت العلوي.
كانت لدي الكثير من الصداقات مع أبناء من منطقة حالة بوماهر.. وكنت أذهب وأنا صغير السن لزيارتهم في منازلهم مثلما هم يحضرون ويزورونني في منزلنا الذي كان بالقرب من مركز سلمان الصحي... أصدقائي كانوا من عائلة النجار، ومن العلوي، وأبناء المرحوم عيسى الكويتي... وهؤلاء جميعاً من سكان فريق شرق... وفريق غرب (أو الجبلة) كان بعيداً عنا ولم أذهب إليه إلا عندما تعرفت على الأخوين محمد وخالد الزياني.
بالقرب من منزل الزياني كان يقع نادي الجزيرة... وقد كانت فرصة جيدة لي لكي أدخل وأرى النادي الذي كنت معجباً بفريقه لكرة القدم وبلاعبيه وبطريقة لعبهم... لقد كان فريق الجزيرة في الستينات من القرن الماضي فريقاً قويًّا ولايستهان به... يلعب فيه لاعبون على مستوى عال جدا... منهم المرحوم محمد بونفور، وجاسم رشدان، ومحمد كويتي، وبحرين، والعربي، ومحمد خلقون، والكثير ممن لاتسعفني الذاكرة الآن في ذكر أسمائهم.. فليعذروني.
في منطقة (أو الفريق) الصنقل كان هناك فريق آخر أسسه ودربه لاعب المحرق المرحوم مال الله مرزوق (المال).. هذا الفريق كان اسمه (الحالة)... ومن أشهر لاعبيه مطربنا المعروف الأخ جعفر حبيب الذي عادة ما يصفف شعره الناعم ثم يضع ربطة على رأسه في أثناء المباريات.
في السبعينات... وبمبادرات طيبة... تم دمج الناديين الموجودين في حالة بوماهر وأنشئ ناد واحد اسمه نادي الحالة... طبعاً أصبح النادي إضافة جديدة وقوية إلى الأندية الرياضية في البحرين.. وقد حاز الكثير من البطولات والألقاب في عدة مسابقات.. ولا ننسى قوة فريق كرة القدم لدى النادي في آخر السبعينات ومطلع الثمانينات.. كما لا ننسى فريق كرة الطائرة الذي احتكر البطولات لأكثر من ستة مواسم.
الغريب أن الفريق الذهبي للكرة الطائرة في نادي الحالة كان مكوناً من خمسة إخوان ومعهم مخرج البرامج التليفزيونية جمال الشوملي... والإخوان كانوا عيال بورشيد ويتقدمهم أخوهم الكبير... المصرفي حسن بورشيد.
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1252 - الأربعاء 08 فبراير 2006م الموافق 09 محرم 1427هـ