إن الأجواء التي تعيشها البحرين حالياً منصبة على مراسم عاشوراء السنوية التي لا يمكن لاي شخص سواء أكان مواطنا أو مقيما أن يغفل عما تتركه من أثر واضح وجلي في شوارع البحرين ومناطقها من قبل الطائفة الشيعية الكريمة.
فإن هذه العادات والتقاليد تحمل ملامح تجعل البحرين مميزة إن لم تكن واقعا كمهرجان ديني بنظر المراقبين ومدى خصوصيته عند أهله الذين تعودوا على إحيائه منذ مئات السنين أمام مرآى الطوائف والأديان الأخرى التي تشكل نسيج المجتمع البحريني من سنة ومسيحيين ويهود وصابئة وبهائية وغيرها.
هذا، المزيج الذي كان يقطن ومازال بعض منه موجودا في أحياء أو ما يعرف بالفرجان في المنامة القديمة يعبر عن عمق التقاليد المتجذرة عند البحرينيين وتحديداً عند العوائل المنامية التي عرفت بتسامحها ومشاركتها عادات كل هذا المزيج والخليط منذ سنوات طويلة.
اليوم يستذكر أهلنا الشيعة في مناطقهم وأحيائهم عاشوراء وكون أن المنامة القديمة قلب العمليات لتنفيذ وإعداد مراسم العزاء لعاشوراء، وذلك من خلال وضع برامج وأنشطة حيوية تنظم في مثل هذه الأيام، إلا أن المراقب يأسف لغياب أسماء أحيائها التي ما عادت موجودة مع التقسيمات التي وضعتها الحكومة ماسحة بذلك هوية هذه الإحياء التي تنطق جدران أزقتها تاريخاً عريقاً لا يمكن التبرؤ منه حتى ولو بربع منها، وذلك عبر تقسيم غير منصف وتسميتها بمسمى واحد هو محافظة العاصمة.
إن هذا التهميش يسيئ لاهل البحرين وعاصمتهم التجارية، فبدلاً من أن ترصف هذه الإحياء وتعدل وتوضع لافتات تقول فريق الحطب وفريق المخارقة وفريق العوضية وفريق رأس الرمان وغيرها نجد بدلاً من ذلك انهماكاً شديداً في تعليق لوحات زرقاء لا تسمي هذه الإحياء بأسمائها الحقيقية على رغم أنه وفي مثل فعالية عاشوراء يشير البحرينيون إلى مناطق مواكب العزاء أو الأنشطة الأخرى المتعلقة بأسماء الإحياء لا بجنوب أو شرق أو غرب وغيرها من مسميات المحافظة.
لا ندري إن كان تجاهلاً مقصوداً أم انه ما عاد أحد من عوائل المنامة القديمة يدافع عن أحيائه بعدما هجرتها إلى مناطق أخرى جديدة وتكدست الأحياء بالعمالة الوافدة التي أفسدت روحها وطبيعتها على رغم أن وضع الأحياء في المحرق ظل ومازال يحظى بمعاملة خاصة... فلماذا هذا الاهمال؟
لذلك فإنه من الضروري أن تلتفت الحكومة إلى أن المنامة ستصبح مع مرفئها المالي قبلة البحرين للاستثمار والتجارة فإننا بحق نطالبها بإعادة هذه الأسماء القديمة إلى لأحياء وتعديلها لتكون مقصدا رائعاً للسواح على غرار ازقة مدينة ماربيا الإسبانية... فهل يتحقق ذلك؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1252 - الأربعاء 08 فبراير 2006م الموافق 09 محرم 1427هـ