العدد 1252 - الأربعاء 08 فبراير 2006م الموافق 09 محرم 1427هـ

عروة الدهر

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

قبل أن يدشّن دمك معنى آخر لحيوات كثيرين، قبل أن يمعن السيف والغدر والليل والفلوات والعروش والمجون والتشفي وخاتمة الأثر في عروة الدهر، قلت ذات أمان عابر، وكل روحك ويقينك أمان: «ماذا وجد من فقدك؟ وما الذي فقد من وجدك؟». في مناجاة تصلك بالأصل... تصلك بالذروة من معدنك وروحك وإبائك وشممك... تصلك بالمسار الذي بدأ منه محمد (ص)، وينتهي بالبقية الباقية من آل بيت النبوة ومعدن الرسالة الذي أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا... بالبقية من ثأر الله وابن ثأره... بالبقية من ملأها قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا.

لم تغب عنك كلمات سيد العارفين والزاهدين « كفاني فخرا أن تكون لي رباً، وكفاني عزاً أن أكون لك عبداً»... لم يغب عنك وأنت في حومة الموت، واستفحال الغدر، وتسجر نار الثأر لجاهليات ترجعهم إلى منابتهم الأولى «ساعة ذل لا تفي بعز الدهر»... لم تنس في ظل رعب مقيم... والأسنة مشرعة، والأحفاد تحكم قبضتها على بقية الله في الأرض: «الخوف أمان»... أمانك من هول، يومك ازاءه نزهة، ووجلك فيه أمان، وظمأك فيه ارتواء، وسبي آلك ، تقلب في نعيم الله.

لم تنس كلمات للرائد بعد نبي هذه الأمة، وقد أسلمه قومه لذوي الشهوات العابرة، وطالبي الزائل من النعم: «الجور ممحاة»... ممحاة لرضى الله وعفوه وغفرانه. لم تنس كلمات للممعن في صبره واحتسابه وهو يرى ارث الرسول نهبا للطلقاء وابناء الطلقاء: «من هوان الدنيا على الله أن لا يعصى إلا فيها، ولا يُنال ما عنده الا بتركها».

لم تغب عن بالك بلاغة الواثق، وثقة البليغ، وهو يترصد دنيا الناس، متهكما عليها، فارا من حدود زخرفها المسنّنة كالنصل، وهو يناجي ربه: «الدنيا نار إذا أقبلت... وإن أدبرت ... برَت، وإن أنعمت... عَمَتْ، وإن أينعتْ ... نَعَتْ، وإن اسعدتْ... عَدَتْ، وإن أركبتْ... كَبَتْ، وإن حَلَتْ... أوحلتْ، وإن بالغتْ... بَغَتْ، دار حلالها حساب، وحرامها كتاب، وشبابها يهرم، وحيها يموت».

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1252 - الأربعاء 08 فبراير 2006م الموافق 09 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً