العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ

إقبار عالي

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

كل الأمم تنقِّب عن تاريخها، إلا نحن نُهيل التراب عليه!! حتى من دون أن نقرأ على روحه شيئا من سورة الفاتحة، ولا أدري هل تاريخنا هو عار فنستحي من كشفه، أم هو سوءة فنواريها أو ندسها في غياهب العدم حتى لا تتكشف أمام الملأ ويفوح ريحها؟!

أسماء الآثار هي جزء أصيل منها، ولا يمكن العبث بها أبدا لأن ذلك يعد عبثا بآثار هذه الجزيرة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، ومحاولة نزع اسم «عالي» من التلال الأثرية هو لعب في جينات هذا الأثر الإنساني العريق، والذي يمتد تاريخه إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، ويعد المؤرخون هذه المقبرة الأكبر والأقدم في العالم، قبل أن تجتاحها المعاول والجرافات وتسويها بالأرض، وما كذب الدلمونيون عندما دفنوا موتاهم مع حاجياتهم ظنّا منهم بأنهم سيعودون ليعيشوا على أرض الخلود، فهاهم عادوا رميما وترابا يشيّد به غير المبالين بتاريخ هذه الأرض قصورا ترسو قواعدها على أكبر مقبرة في التاريخ!

ركام أكثر من 95 في المئة من هذه القبور لم يُشبع نهم الجرافات التي تكل أسنانها ولا تشبع، حتى عادت للخمسة في المئة المتبقية من هذه القبور لتنتزع اسمها العريق من عليها وتكتفي بتسميتها بـ»التلال الأثرية» بدلا من «تلال عالي الأثرية» ولعله ضمن تقشف الحكومة لمواجهة الأزمة المالية الراهنة أن توفر حبرا بحجم كلمة «عالي» على الرغم من أن هذه المنطقة لم تسمَ بهذا الاسم إلا نسبة لهذه التلال العالية.

لعله خطأ الدلمونيين أنهم اختاروا لموتاهم هذه المنطقة الجغرافية من العالم، واعتقدوا بأن هذه الجزيرة التي أطلقوا عليها أرض الخلود ستحترم عقيدتهم وستسعى جاهدة إلى تخليد مقابرهم، إلا أنهم لم يفلحوا في أن يكونوا حتى مجرد تاريخ يعتز به أهله ويبذلون ما بوسعهم للحفاظ عليه، لذلك حتى الاسم الذي يُستدل به على عراقتهم لم تسع له صدور اللافتات الراسية على ما تبقى من أطلال هذه القبور، ولعل ذلك ضرب من ضروب جحود الأبناء للآباء.

حتى لا نتشح بسواد السلبية فلا بد من عرفان الجميل لوزيرة الثقافة والإعلام التي وعدت في لقائها بالنائب عبدالله العالي بانتزاع هذه اللافتات واستبدالها بأخرى تتزين باسم «عالي» ولكن لابد للوزيرة من التحقيق في الخلل الذي وإن كان «غير مقصود» حسب ما صرحت به، إلا أن كثيرا من الأخطاء غير المقصودة يجب عدم الوقوع فيها وخصوصا أن مع تبوء الوزيرة منصبها الحالي سبقت كلمة «الثقافة» كلمة «الإعلام» فصارت وزارتها وزارة الثقافة والإعلام ومثل هذا الخطأ لا يجب أن تقع في مصيدته أعلى جهة معنية بشئون الثقافة في هذا الوطن العريق.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً