العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ

الحكومة الإلكترونية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تحتضن البحرين اليوم (الاثنين) الموافق 25 مايو/ أيار 2009، منتدى الحكومة الإلكترونية، حيث تلتقي مجموعة من الكفاءات المهنية، سوية مع صناع القرار الخليجيين، ممن يتولون متابعة بناء منصات الحكومة الإلكترونية في منطقة الخليج العربي.

مناسبة في غاية الأهمية كونها ستضع على بساط البحث الكثير من القضايا التي تعالج موضوعات الحكومة الإلكترونية، ليس على المستوى التقني، فحسب، وإنما على المستويين: الإجرائي الإداري، والحكومي السياسي.

ولربما أول سؤال يتبادر إلى الذهن ونحن نشهد انعقاد هذا المنتدى هو: هل نحن، في البحرين، بحاجة إلى حكومة إلكترونية؟

وقبل الرد على هذا التساؤل لابد من توضيح مسألة في غاية الأهمية، تلك هي أن الحكومة الإلكترونية ليست أرخبيلا إلكترونيا لجزر مبعثرة يقطن كل منها هذه الإدارة أو تلك من مؤسسات الحكومة، كما أنها ليست مجموعة من الأنظمة المؤتمتة التي تسير تلك الإدارات. إنها أكثر تعقيدا، وأوسع نطاقا من نظرة محدودة تحصر نفسها في الإطار التقني.

للمقاربة، يمكن النظر للحاجة إلى الحكومة الإلكترونية اليوم بفضل ثورة تقنيات الاتصالات والمعلومات، تماما كما فرضت الثورة الصناعية في حينها أطر الحكومة التقليدية على الدول البرجوازية المنتفضة على الإقطاعيات الأوروبية. فكما احتاجت تلك الدول إلى أشكال وإدارات من طراز جديد تسير أعمالها، وتكون مختلفة عن تلك القائمة حينها، بحيث تتواءم، أولا، مع تصورات واحتياجات تلك الحكومات لأشكال وطرق تقديم الخدمات المباشرة للمواطن في أفضل صورها، مرورا بتوفير مختلف أشكال الأمن له، انتهاء بحماية ممتلكات الدولة والذود عن حياضها، تجد الحكومات التقليدية اليوم، وفي ضوء ثورة المعلومات والاتصالات نفسها مطالبة بالانتقال من التقليدي إلى الإلكتروني كي يكون في وسعها توفير الخدمات الإلكترونية للمواطن أولا، وحماية أمنه الإلكتروني ثانيا، والدفاع عن بلاده ضد أي اختراق أو هجوم إلكتروني ثالثا وليس أخيرا.

هذا يقتضي، تماما، كما هو الحال في الحكومات التقليدية التي نجحت عند نشأتها في تسيير المجتمعات المتقدمة المسئولة عنها سياسيا، أن تكون الحكومة الإلكترونية نظام معلومات واتصالات متكامل قادر على أداء الوظائف الحكومية كافة، باستخدام ما تولده ثورة المعلومات والاتصالات من احتياجات جديدة، وما تضعه هذه الثورة من إمكانات وتسهيلات تتماشى والتطورات التي عرفتها المجتمعات المتقدمة منذ انطلاق ثورة الاتصالات والمعلومات هذه.

والنتيجة المنطقية هنا، هي أن المجتمع الدولي، بحاجة إلى آلة من طراز جديد لتسيير العلاقات الدولية، سواء بين الدول بعضها البعض، أو في نطاق الدولة الواحدة. لقد أصبحت الدول الأعضاء في هذا المجتمع، وباختلاف مستويات تقدمها ودرجة اقترابها مما توفره ثورة المعلومات والاتصالات من تسهيلات، بحاجة إلى حكومات وإدارات إلكترونية قادرة على تقديم خدماتها لمواطنيها على الصعيد الداخلي، ولتنسيق العلاقات بين تلك الدول على النطاق الخارجي.

هذه يقودنا نحو ضرورة وضع تعريف للحكومة الإلكترونية ذاته، إذ إن السوق اليوم تعج بالكثير من التعريفات، كل منها يعكس تصورات الجهة التي تقف خلفه. ومن الضرورة بمكان التحذير هنا من بعض أشكال الحكومات الإلكترونية غير المتكملة، إما من جراء حصر نفسها في إدارة حكومية دون غيرها، أو نظرا لضيق مساحة الدائرة التي تغطي خدماتها الجهة المعنية. ندلل على صحة ما ذهبنا إليه عندما نقرأ، على سبيل المثال لا الحصر ذلك التعريف المقتضب الناقص الذي تتبناه المنظمة العربية للتنمية الإدارية للحكومة الإلكترونية، والذي يفترض أن تتوفر فيه الشمولية، فسوف نجد أنه ينص على «أنها عملية استخدام المعلومات العريضة والإنترنت، والاتصال عبر الهاتف الجوال لامتلاكها القدرة على تغيير وتحويل العلاقات مع المواطنين ورجال الأعمال ومختلف المؤسسات الحكومية». وليس هناك داع للخوض في مناقشة ذلك التعريف، تكفي الإشارة إلى حصر نفسه في خدمالت الهاتف الجوال، للكشف عن النواقص التي يعاني منها.

لكن أستاذ القانون العام في كلية الحقوق، في جامعة الإسكندرية. ماجد راغب الحلو يعرف الحكومة الإلكترونية على أنها «استخدام تكنولوجيا المعلومات الرقمية في إنجاز المعاملات الإدارية، وتقديم الخدمات المرفقية، والتواصل مع المواطنين بمزيد من الديمقراطية، ويتم ذلك عن طريق شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، وشبكة المعلومات الداخلية (الإنترنت) بقصد تحقيق أهداف معينة، أهمها تقديم الخدمات الإلكترونية إما بتفاعل بشري أو بإنجاز آلي». في هذا التعريف، عندما نتعمن فيه الكثير من الشمولية التي تؤهله لأن يصبح قاعدة انطلاق عند وضع التصورات النظرية الأولية بشأن الحكومة الإلكترونية.

ومن التعريف ننتقل إلى الأهداف التي يقود غيابها إلى تخبط وعشوائية، تفقد من جرائها الحكومة الإلكترونية أي مبرر لبنائها، وهنا لابد من الإشارة إلى تعدد الأهداف وتباينها تلبية لحاجات الجهة التي تقف وراءها. لكن وبشيء من التكثيف يمكن حصر أهم الأهداف في قدرة منصة الحكومة الإلكترونية على تهيئة إدارات ومؤسسات الدولة على التحول التدريجي من التقليدي الورقي إلى الإلكتروني المؤتمت، دون الإخلال بكفاءة الأداء، أو التفريط في مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن. هذا على مستوى الخدمات المدنية، إما على مستوى الإدارات الحكومية ذاتها، فلابد أن تكون المنصة قادرة على تحسين آليات ومستويات صنع القرار لدى متخذيه من أفراد وإدارات على حد سواء.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً