في العام 2000 قدرت ثروة ديفيد مارك بما يربو على 200 مليون دولار، وهي تصل الآن إلى ما يزيد على نصف مليار دولار. من هو هذا المليونير المغمور؟ قبل ما يزيد على العشرين عاما كان ديفيد ذو العشرين ربيعا حينها حارساً لأحد ملاعب الغولف في مدينة غرينتش في ولاية كونيكتا الأميركية. كان ديفيد حينها يواجه جيشا من 600 إوزة كانت تستمع بفضاء الملعب المنبسط الواسع ومياهه المتدفقة، لقاء عبثها بحشائشه المستوية ونقر الحفر المنتشرة في أرجائه.

فشلت كل حيل ديفيد وحلوله في إبعاد جيش الإوز هذا عن ملعبه... بدءا من إنشاء الأسيجة مرورا باستخدام المواد الكيماوية... إلخ. طبعاً كان قتل تلك الطيور أو حتى مجرد جرحها من الجرائم التي يعاقب عليها قانون الولاية.

ولحسن حظ ديفيد يهديه أحد أصدقائه كلبا لمؤانسته... وبعد مضي حوالي 6 - 8 أسابيع على وجود الكلب يكتشف ديفيد - وبمحظ المصادفة - أن جيش الإوز قد انسحب من ملعبه ليقيم معسكراته في الملاعب المجاورة. ثم اكتشف أن الكلب وراء ذلك النصر عندما شاهده يطارد سربا من الإوز حاول التسلل إلى ملعبه.

لم يضع ديفيد وقته بل سارع إلى إحدى المؤسسات ذات الخبرة الواسعة في تدريب الكلاب وطلب منها تأهيل كلبه للقيام بذلك بشكل مهني محترف، نجحت المحاولة. وبدلا من أن يقف تفكير ديفيد عند حدود ساحة ملعبه، قام بتأسيس شركة لمساعدة الملاعب المجاورة على محاربة جيوش الإوز المخيمة في تلك الملاعب.

وصل الأمر إلى أن الكلاب المدربة لم تعد تؤذي أيا من الأوز، بل أنها عندما تكتشف أن إحداها مصابة أو غير قادرة على الطيران تحرسها إلى أن ينتبه ذلك أحد حراس الملعب فيسارع إلى العناية بها. أدى ذلك إلى نسج علاقة قوية بين شركة ديفيد وجمعيات الرفق بالحيوان وراحت المؤسستان تتعاونان في الترويج للفكرة وعقد الندوات وورش العمل لاستخدام الكلاب في طرد الإوز من ملاعب الغولف من دون إيذائها.

كما قلنا تقدر ثروة ديفيد بمئات الملايين من الدولارات وهي في تنام مستمر، من دون الإساءة للبيئة من دون التفريط في مكونات المدينة الطبيعية... وكانت المحصلة أن الجميع كان رابحا حتى جيش الإوز الذي تلقى هو الآخر عناية خاصة من جمعيات الرفق بالحيوان.

في الاقتصاد المعرفي يهزم رأس المال الفكري أيا من أشكال الرساميل الأخرى.