اليوم دون سواه ستدخل أربع من نساء الكويت قاعة عبدالله السالم الصباح، بعد أن خلت منهن طيلة أربعين عاما، حق للكويتية أن تفتخر بهذا الإنجاز الكبير، إذ لم تدخل البرلمان عن طريق الكوتا أو التزكية بدوافع حكومية، إنما خاضت بقدرتها وإمكانياتها حربا ضروسا مابين القبلية المتشددة وبعض الأيدلوجيات الدينية التي تحظر ترشيح المرأة، لقد حاولت الكويتية مرتين متتاليتين وكانت نتيجتهما الفشل، لكنها لم تيأس إلى أن جاءت الثالثة فكانت ثابتة.
معصومة الكويت أصبحت صاحبة الرقم الأول، فهي أول وزيرة في تاريخ الكويت، وتعتبر أول نائبة في مجلس الأمة باعتبارها حسمت الفوز من بداية الفرز إلى نهايته من خلال تصدرها لقائمة المرشحين في الدائرة الأولى، لقد دشنت المبارك حملتها تحت شعار «حسن الاختيار يصحح المسار» وقد دعت من خلاله إلى ثلاثة أمور أولها الوحدة الوطنية، وثانيها الإصلاح من خلال الاحتكام إلى الدستور الكويتي إذ تقول «إنه ميثاقنا ومنهاجنا فيجب ألا يتم العبث بهذا الدستور أو يتم القفز عليه، ويجب أن يحظى باحترام كامل من الغلاف إلى الغلاف». أما الأمر الثالث فهو ما يتعلق باحترام القانون. كان من أولوياتها تقديم قانون يجرم العبث بالوحدة الوطنية ويحفظ حق الشباب في العمل بالقطاع الخاص وإصلاح الخلل الكبير والفادح في التركيبة السكانية، لقد دعت المبارك من خلال افتتاح مقرها الانتخابي في الدائرة الأولى والذي أقيم في الرميثية وسط الحضور الجماهيري الكبير، إذ وصل إلى قرابة 1500 شخص من مختلف طبقات المجتمع وطوائفه، كما شاركت في الحضور سفيرة الولايات المتحدة الأميركية بالكويت إلى التغيير لأنها ترى «إننا لا نملك بديلا عن التغيير من أجل كويت المستقبل ومن خلال التكافل والتكامل، فنحن لا نملك بلدا آخر، لذلك لابد أن نعيد الكويت درة الخليج من جديد».
الكويت الجديدة ترسمها المبارك وزميلاتها أسيل العوضي، ورولا دشتي، وسلوى الجسار اللواتي لا يختلفن معها في التفكير والعمل بالنهوض بالكويت من جديد، لم يكن بالأمر السهل وصول أربع نساء طاردتهن الشائعات وشنت عليهن حرب وتحالفات قوية، فأسيل اتهمت في إسلامها وجرى عليها تحالف من قبل السلف لإسقاطها، وذلك على خلفية انتشار شريط مصور لمقطع من إحدى محاضراتها في جامعة الكويت حول الحجاب، بينما انتشرت شائعة ضد مبارك تفيد بأن «معصومة المبارك ليست كفئا أن نعطيها صوتنا لأن أمها في دار العجزة، ومن ليس به خير لأهله لا خير فيه لوطنه» لكن مبارك ترد «هذه أكذوبة، أمي توفيت على ذراعي قبل عشر سنوات». لقد تعدين تلك الاتهامات والشائعات وسرن في طريق إثبات قدرتهن نحو نيل الاستحقاق، ونجحن في ذلك بشهادة الجميع، ربما ساعدهن كثيرا حالة التأزم بين السلطة التشريعية والحكومة في المجلس السابق، والذي انعكس تأثيره على أهل الكويت في البحث عن البديل المناسب فوجد ضالته في المرأة، التي ربما يعول إليها إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لذا أصبحت المرأة الكويتية رهانا للشارع الكويتي، فهل تكسب هذا الرهان؟ وهل هي جديرة بأن تؤسس لحالة مشرقة من العمل البرلماني؟
لقد كان نجاح المرأة الكويتية في انتخابات مجلس أمة 2009 مفاجأة للجميع داخل الكويت وخارجها من ناحية الكم أربع نساء، ومن ناحية الكيف من حيث الكفاءة فكلهن من المتخصصات والحاصلات على شهادة الدكتوراه، فمعصومة وأسيل يحملان شهادة علوم سياسية وسلوى في الجانب التربوي، والثلاث من أساتذة جامعة الكويت ورولا دشتى متخصصة في الاقتصاد، الكل ينتظر برنامج كتلة الرباعي النسائي في المجلس خاصة بعد إعلان اجتماع عضواته الأربع في ديوانية النائبة معصومة المبارك في مطلع الأسبوع القادم بهدف التنسيق وترتيب الأولويات وتحديد القضايا التي سيتم تبنيها لمصلحة الكويت خاصة والمرأة عامة، فالكل ينتظر الدور المرتقب إذ راحت السكرة وجاءت الفكرة.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ