«حَرَم الحُجّاج»... أهل البحرين يعرفون ما أعنيه بهاتين الكلمتين، فقد وُلدنا ونشأنا ونحنُ نحنّ في يوم التروية إلى سماع قصيدة رائعة في رثاء الحسين (ع) وصحبه الأبرار كتبها محقق أخباري في القرن الثاني عشر الهجري (18م)... وسؤالُ: «لا أدري ما سرّ التعلق بهذه القصيدة؟» ألحّ عليّ ودفعني إلى طرحه على مَنْ حولي، وإن كنت أجبت عليه...
ربما إن سرّ التعلق مردّه إلى كون الشيخ حسن الدمستاني من أهل البحرين، وهو ما يجعلنا نتنشق مع قصيدته عبير الولاء لأهل البيت الضارب جذوره في هذه الأرض الطيبة، ويشعرنا بأننا ننتمي إلى هذه الأرض برباط مزيج بين الولاء الديني لأئمة أهل البيت النبوي، والولاء الوطني إلى التراب.
وهنا يحضرني ما نصح به الآخوند الخراساني الخطباء وإحالته إياهم على ما تذكره مصادر السيرة من خطب الإمام وخطب أصحابه والحوارات الجارية والرسائل المتبادلة بينه وبين أنصاره بدلاً من بعض المرويات التي لا تحظى بالصدقية، بمقياس النقد العلمي، معتقداً أن النصوص التاريخية لوحدها كفيلة بإيصال فكر ومبادئ عاشوراء، مضافاً إلى ما تحويه من جدّة، إذ إن «جمهورنا لم يسمع بها حتى الآن» بحسب تعبيره.
هذا الرأي يدفعني إلى التفكير في رائعة الدمستاني التي غابت وللأسف عن مآتمنا في يوم التروية، وإن قرئت فإنها تُقرأ مجتزأة، كما أنها غائبة على مستوى الموكب، على رغم أنها لوحدها قادرة على استدرار الدموع وتفجير العواطف إذا ما أدّيت كاملة وبطريقة مناسبة، كما أنها تقدم السيرة الحسينية في جانبيها المأسوي والفكري في قالب بلاغي بديع
العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ