يتردد منذ عام كلام سوري عن تشكيل وزارة جديدة. وتزايدت حدة الكلام السوري في هذا الاتجاه مع انتهاء اعمال المؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم في مايو /أيار الماضي والذي قيل انه اتخذ قرارات مهمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي من شأنها إحداث تبدلات في حياة سورية وعلاقاتها، والأمر في هذا يتطلب بصورة بديهية إجراء تغيير وزاري أو على الأقل تعديل في الوزارة السورية، يتناسب مع ما اتخذه المؤتمر القطري من توجهات وقرارات. والواقع، أن أياً من خياري التغيير أو التعديل الوزاري، لم يتم الأخذ به بعد المؤتمر، وردت مصادر سورية مرات على أخبار تتعلق باحتمالات تشكيل حكومة سورية، بأنها مجرد تقديرات أو توقعات صحافية، على رغم أن مبررات جديدة، أضيفت للقيام بتغيير أو تعديل حكومي، ومن هذه المبررات العطالة التي يعيشها عدد من الوزراء وبينهم وزير الاعلام، وهو بين الوزراء الرئيسيين في الحكومة السورية، والأمر الثاني شغور منصب وزير الداخلية بعد انتحار الوزير السابق اللواء غازي كنعان، وهو منصب رئيسي في الحكومة ليس في سورية فقط، بل في كل دول العالم، ثم جاء مبرر آخر، وهو شغور منصب وزير آخر في حكومة العطري بعد إقالة وزير الدولة حسام الأسود والذي قيل انه جرى اعتقاله وتحويله إلى القضاء بتهم لم يكشف النقاب عنها بعد.
وثمة مبررات اخرى يعرفها السوريون، تفرض تغيير أو تعديل وزاري في سورية وبينها أمران، كان أولهما تعيين وليد المعلم في منصب نائب وزير الخارجية، وقد ترافق ذلك بدعايات شبه رسمية تقول: ان المعلم سيحل وزيراً للخارجية مكان الوزير فاروق الشرع الذي سيحل في منصب أعلى، قد يكون منصب نائب رئيس الجمهورية، والامر الثاني، أنه جرى الطلب إلى الاحزاب المشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث الحاكم تسمية مرشحين من اعضاء احزابها لعضوية تشكيل وزاري مرتقب.
لقد جرى تجاوز كل الظروف والمبررات التي باتت تتطلب تغييراً او تعديلاً وزارياً، واستمرت وزارة المهندس محمد ناجي عطري في إدارة الشأن السوري وسط تحديات خارجية وداخلية، متعددة المستويات والمجالات، وفيها تحديات سياسية واقتصادية وإدارية، يصعب التعامل معها سواء من أجل معالجتها او تجاوزها، والمحصلة، أن تلك التحديات تتفاقم على نحو ما يحصل بصدد ملفات السياسة الخارجية ومنها أزمة العلاقات السورية - اللبنانية والعلاقات السورية - الأميركية، أو بصدد ملفات السياسة الداخلية ومنها موضوع الفساد وتردي مستوى الاداء الاداري، وتصاعد الازمات الاقتصادية - الاجتماعية، التي تطحن غالبية السوريين مثل الفقر والبطالة والغلاء.
والتفسير الأساسي لاستمرار الوضع الحكومي على ما هو عليه، هو أنه جزء من ارتباك السياسة السورية في المجالين الداخلي والخارجي، وهذا يمنع من تشكيل حكومة، ما يجعل سورية تدور في حلقة سياسية مفرغة، تحول دون إيجاد حلول للمشكلات الطارئة، ودون تطوير قدرات تساعدها في مواجهة التحديات المختلفة.
العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ