قال تعالى: «هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين» (الجمعة: 2).
الآية السابقة والكثير من الآيات والسور نزلت تحديداً تتحدث عن أعظم شخصية دينية على الإطلاق وهي شخصية نبينا محمد (ص) خاتم الأنبياء والمرسلين، شخصية تتميز بالكثير من الصفات التي تحتاج منا إلى تفكر وتدبر، فكان القرآن الكريم معجزة ذلك النبي والتي تمتاز بأنها موافقة لعصره وزمانه، فقد أدهشت حينها العقول وحيرت عندها البلغاء، وقد أراد الله تعالى من هذا الكتاب أن يحفظ به أصول الدين وكيانه ليكون فيه تبيان كل شيء... وليكون هدى وموعظة للمؤمنين، ولأنه معجزة دين خالد فإنه من الضروري أن يبقى حياً وأن يبقى جديداً في إعجازه في كل زمان، وهكذا كان ولايزال القرآن الكريم ملهم المؤمنين في بقاع الكون كافة. مكانة النبي محمد (ص) عظيمة جداً في قلوبنا ولا نرضى ولا نقبل أبدا أن تأتي يد وتعبث أو تستجرئ لتصوره بصورة بشعة أو غير مقبولة فهذا بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكن التعدي عليه، ولكن المتتبع لصحف بعض الدول الحاقدة على الإسلام والمسلمين يجد أن الصحافة الصفراء لدى الدنمارك قد حركت الماء الآسن الحاقد على خاتم الأنبياء والمرسلين من خلال رسوم كاريكاتورية أساءت وحاولت النيل من خلالها إلى شخصية النبي محمد (ص)، بل إن الشرارة قد انطلقت من الدنمارك لتجد لها صدى مماثلاً في كل من فرنسا وألمانيا والنرويج والنمسا وغيرها من الدول تحت شعار التعددية وحرية التعبير وكأنما الحرية والتعددية لا تتحقق الا إذا تمت الإساءة إلى الرسول الأعظم (ص) أو التشهير به. الدول التي دخلت على الخط والتي تحمل التوجهات نفسها والأهداف المشينة للإسلام والمسلمين دخلت بغرض دعم موقف الدنمارك وحتى لا تتعارض المصالح المشتركة بين الدول وبغرض تمييع القضية، بل إن الأمر وصل ذروته من الجهل والحقد الدفين عندما تم الإعلان من خلال القنوات الإخبارية أن يوم السبت الموافق 4 فبراير/ شباط سيشهد تحركاً معلناً يسعى إلى حرق القرآن الكريم في احدى ساحات الدنمارك احتجاجا على موجة الاحتجاجات التي انطلقت هنا وهناك كردة فعل على ما قامت به الدنمارك من فعل إجرامي مشين مستغلين فيها البوق الإعلامي المأجور.
المتتبع الآن لسياسات وتحركات بعض الدول سيضع يده فوق رأسه متعجبا من سوء تصرفها فقد تابعت المسألة بنفسي بعدما أشيع عن فضيحة الدنمارك والإساءة التي ترتكبها في حق نبينا محمد (ص) وقرأت عجبا والمؤسف أنه لا «خبر جاء ولا وحي نزل» لذلك تفاقمت الأمور ووصلت إلى ما هي عليه الآن، وإليكم ما تم الحصول عليه «ملكة الدنمارك مارغريت ألفت كتاباً»، عن الحضارة الأوروبية وذمت الإسلام والمسلمين والرسول (ص) (ولم يتحرك أحد)، رئيس وزراء الدنمارك أشار ثلاث مرات منذ حوادث سبتمبر/ أيلول إلى أن أهل الإسلام حثالة الشعوب (ولم يتحرك أحد)، عدد من الصحف الدنماركية نشر مقالات تنتقد الإسلام ورسول الإسلام (ولم يتحرك أحد)، ثم ختمت القضية بالرسومات التي أثارت الناس، (لاحظوا يا جماعة مقدار الجرأة والوقاحة).
فالموضوع إذاً يا جماعة أكبر من توجه صحيفة واحدة، بل هو على مستوى الدولة كاملة، بل قل على مستوى دول أوروبية وهذا أمر مرتب ومخطط له بشكل جيد والخطوات الأولى كانت بمثابة مقدمات وما نحن فيه بمثابة النتيجة التي توصلنا إليها جراء السكوت وعدم تبيان الموقف بشكل قاطع، الدنمارك عندما أساءت كانت الإساءة منظمة ومرتبة بدليل أنها عندما طلب منها أن تعتذر رفضت ذلك، بل أخذتها العزة بالإثم وبررت ذلك بأن الصحف تمارس نوعاً من حرية الرأي والتعبير بغض النظر عن جرح مشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة. وعليه، يجب أن تتحمل ما اقترفته من ذنب بأن تكابد خسائر لا أول لها ولا آخر جراء المقاطعة وعليها أن تتحمل الخسائر التي ستلحق بها، وليكن لها درس مفيد لن تنساه أبدا، ونطرح هذا السؤال: ماذا بعد الإساءة إلى الرسول الأعظم (ص)؟
نقول لهؤلاء وعليهم أن يسمعوا هذا الخطاب أن محمداً (ص) وأهل بيته (ع) أفضل الخلق، كتبت أسماؤهم على العرش قبل خلق الوجود، فهم إرادة الله وقادة الحق إلى يوم الحق، فلا عجب أن يعرفوا بأسمائهم منذ قديم الزمان لدى الأنبياء وأتباعهم، فيبشرون بهم ويستبشرون بقرب ظهورهم... وينتظرونه، مكانة خاتم الأنبياء، وعترة أهل بيته محفوظة في قلوب المؤمنين بإذن الله تعالى، شاء من شاء وأبى من أبى، ولكن المؤسف أن 5 ملايين من البشر يتمركزون في بقعة جغرافية حقيرة من بقاع الكون الفسيح يريدون أن يضبطوا إيقاع مليار مسلم ومسلمة منتشرين على وجه الأرض وهيهات منا الذلة، كما عليهم أن يدركوا حقيقة أن نبينا محمداً (ص) خاتم الأنبياء والمرسلين؛ وذلك يعني أنه أفضلهم وأعظمهم، لأن مهمته الأكبر ومعاناته الأشد، فعرفه الأنبياء جميعاً، واستغاثوا به، واستبشروا بظهوره وانتظروه.
وإليهم هذه الحقائق الدامغة التي لا لبس فيها. دعا به آدم ربه فغفر له، ووضع نوح اسمه واسم ذريته على مقدمة سفينته فنجاه الله ببركتهم، وبعث عيسى من أجل أن يبشر به، وعرف الأنبياء مذبحة كربلاء وبكوا على الإمام الحسين (ع) من أجلها، ونعرفه نحن ونقدره والمسلمون من الآن إلى يوم السبت المقبل سيدعون ربهم بحق محمد وآل بيته وسيستغيثون بنبيهم أن يخسف بكل هؤلاء وبكل من يحمل مشاعر الاستخفاف بالقرآن الكريم المعجزة الباقية أو الاستهانة بكرامات أهل البيت (ع)، إنه على كل شيء قدير، نقول ذلك ونحن نعيش شهر محرم أحد أشهر الحرم وقدره ومكانته عند الله تعالى، يحفظ فيه القرآن الكريم وكرامة المسلمين والمسلمات.
وعلى المسلمين أن يقاطعوا جميع المنتجات والبضائع الدنماركية قاطبة بهدف ضرب اقتصادها وعليهم الاستمرار في ذلك حتى إذا ما اعتذرت الحكومة أو الصحيفة ذاتها لأن الاعتذار في هذه الحال لن يكون بسبب معرفة الخطأ وإنما لإنقاذ موقفها واقتصادها من الهلاك (لذر الرماد في العيون)، وعليهم أن يواصلوا احتجاجاتهم ومظاهراتهم أمام السفارات الدنماركية، بل على حكومات الدول أن تتحرك في سبيل سحب سفراءها في الدنمارك، لابد من أخذ موقف حاسم تجاه هذه القضية لكسر شوكة من يحمل في نفسه نية مبيتة للإساءة إلى الإسلام والمسلمين ونطلب من الله النصرة والغلبة.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ