في حديث مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس) كلاوس شواب اثناء وجوده في البحرين أمس، قال: «اننا انتقلنا من العولمة إلى عصر (الغوغلة)»، في اشارة إلى قدرة محركات البحث عن المعلومات، التي تتصدرها شركة غوغل، والتي من خلالها يستطيع المرء الحصول على كم هائل من المعلومات عما يحتاجه، وربما أكثر، ويعطيه القوة في صنع القرار، ويؤثر ذلك في تقليل أثر الاقتصادات القديمة، ويقلل أثر السيطرة السياسية على خيارات الناس.
شركة غوغل خضعت لشروط الحكومة الصينية مقابل فتح مقر لها هناك حديثاً بشأن بعض الموضوعات الحساسة سياسياً، ولكن هذا الخضوع مؤقت، والصينيون لديهم خيارات كثيرة. ومن جانب آخر فإن شركة غوغل ما زالت لم تحسم معركتها مع الحكومة الأميركية التي طلبت منها ان تعطيها سجلاً عن الاشخاص الذين يبحثون على الانترنت عن موضوعات تهم الأمن القومي أو تتعلق بالارهاب، أو غيرها.
في جميع الاحوال، فإن أكبر اقتصاد عالمي حالياً (أميركا)، وأكبر اقتصاد في المستقبل «بحسب شواب ستتفوق الصين على أميركا من ناحية حجم الاقتصاد بعد العام 2045»، يتحاوران مع شركة أسسها شباب في مقتبل العمر، واصبحت لديهم من الثروات المتراكمة والقوة ما يمكنهم من الجلوس على طاولة المفاوضات مع القوى الاقتصادية العاتية.
كما ان «غوغل» في طريقها إلى السيطرة على التجارة الالكترونية، (احدى اعمدة الاقتصاد المعرفي)، التي تحرك النمو في عالمنا اليوم. وسيطرة «غوغل» على الخطوط الالكترونية العالمية شبيهة بسيطرة بريطانيا في الماضي على الخطوط البحرية العالمية، والتي تمكنت من خلالها ان تصبح قوة عظمى (في السابق) بعد ان سيطرت على البحار (أهم خطوط التجارة الدولية آنذاك)، وعلى ماوراء البحار (البلدان التي استعمرتها بريطانيا لفترات طويلة جداً).
الفرق ان من يحرك «غوغل» ليس لديه جيوش جرارة، ولا يحتاج إلى ما احتاجته شركات بريطانيا العظمى (مثل شركة الهند الشرقية التي استعمرت الهند وما حولها في القرون الماضية). كما ان «غوغل» ليست مركزية، وهي منتشرة بحجم انتشار شبكة الانترنت. غير ان ما تجنيه شركة مثل غوغل عبر سيطرتها على كثير من استخدامات الانترنت يعني ان لديها قوة تماثل ملاك الاراضي في زمن الاقطاع، مع الفرق في الوسيلة وفي النتيجة.
مهما كان الامر، فإن الرسالة التي يفهمها المرء من مصطلح «غوغلة» هي ان الاقتصاد المعرفي يعتمد على الخبرة والمهارات والعلم والتعليم، وكل هذه تحتاج الى المعلومات، ومن يسيطر على خطوط المعلومات، مثل «غوغل» يسيطر أيضاً على عصرنا المعولم أو «المغوغل»!
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ