العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ

معارضة «لا أخلاقية»!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

إذا كان خطأ اعتبار السياسة تقوم مقام الأخلاق، فإنه من الغباء أيضاً أن نعتقد بأن الأخلاق - حتى لو كان اسمها حقوق الإنسان والعمل الخيري الإنساني - تحل محل السياسة.

ثمة نزوح اجتماعي دولي نحو الأخلاق، والحديث عن الأخلاق في السياسة، الفرنسيون مثلاً رفضوا «لوبان» في انتخاباتهم الأخيرة أخلاقياً لا سياسياً، قامت فرنسا بأكملها لتنتخب منافس «لوبان» بنسبة مشاركة خيالية، ولم تكن نسب المشاركة تزيد عن 35 -40 في المئة عادة.

الألماني «نيتشه» كان يعتقد أن «الأخلاق أفيون الشعوب»، ولبليز باسكال كلمات حادة مفادها «لا ريب في أن تساوي المنافع منصف... ولكن...»، وأخيراً، لا يمكن للنيات الحسنة، أو الصناديق الخيرية، أو العمل الإنساني، أو السياسة «الأخلاقية» أن تحد من البؤس والبطالة. حسناً، في أية منظومة اجتماعية مكونة من سلطة سياسية ومعارضة تجاذبات عدة، ولعلنا متفقين في المجمل العام أن الأداء السياسي للحكومات العربية هو أداء قوي، ومتزن، ومخادع، على أن «مخادع» لا تحتوي دلالات سلبية من منظور سياسي، وقد تكون ذات معنى سلبي لدى الأخلاقيين. مؤسسات المعارضة العربية تفتقد لأبجديات الخداع، أو المكر السياسي، هي أخلاقية في المطلق، وعلى رغم أن الزعم الأخلاقي هو مجرد تكتيك سياسي، بمعنى انه أداة للوصول للأهداف الكبرى، فإننا نلاحظ أن الأخلاقوية أصبحت اليوم بمثابة «استراتيجية سياسية» لدى مؤسسات المعارضة، ما يجعل الأمور أكثر دلالة على رواج «النحس» السياسي. عملياً، بعض التجارب السياسية العربية لمؤسسات المعارضة حققت إنجازات ملموسة عبر إنتهاج ما هو «غير أخلاقي»، فما يسمونه بـ «التآمر مع الخارج» أو «الإصلاح من الخارج» بأنه عمل «لا أخلاقي» أنتج عمليات تسارع طموحه في الإصلاح السياسي لتلك التجارب ككل. الخروج عن النمط الأخلاقي في هذه الجزئية كان له مردوده المباشر في بغداد مثلاً، والمغرب، والكثير من العواصم العربية، وليست دمشق في مأمن من هذا الإصلاح السياسي اللأخلاقي!. البعض يقول ان مؤسسات المعارضة غير مطالبة بأن تكون «لا أخلاقية» كما هي حكوماتها سياسياً، وهذا الرد قد يحتوي قدراً كبيراً من الصدقية من منظور أخلاقي، فحين يسرق جارك، ليس بالضرورة أن تكون سارقاً، ولو أدى ذلك إلى أن تفقد منزلك وأثاثه بالكامل!. إلا أن هذه العبارات تبقى خارج إطار «السياسة»، وما يدور في دوائرها المعقدة.

يبقى «التيار الإسلامي» بمؤسساته السياسية أكثر الذين يتم اصطيادهم في الشبكة السياسية المسماة «أخلاق»، والواقع المعاش يعطي الكثير من القرائن على أن مؤسسات المعارضة العربية هي أضعف على الدوام من أن تراجع ملفاتها بصدقية وواقعية، هذا ما يجعلنا على ثقة من أن ما ندعو له من مراجعة للذات، لا يزيد عن كونه دعوة لإنتاج سلوك «لا أخلاقي» بغيض!

الإسلاميون مطالبون بالتنبه إلى حقيقة، إذ في ارتهان الناس لأمل ميت، وأحلام خيالية، الكثير من المعاني «اللاأخلاقية» التي يدعون محاربتها ومناهضتها... وهنا، قمة الغرابة

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً