العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ

الحديث إلى الشعب مباشرة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حديث الملك حمد الذي دار مع رؤساء تحرير الصحف المحلية بثه تلفزيون البحرين في بادرة إيجابية تحسب للمسئولين في وزارة الإعلام، الذين بلاشك أخذوا التصريح من جلالته قبل بث نص المقابلة (بعد ازالة بعض الرتوش التي لم تؤثر في النص). وفي أحيان عدة يلجأ القادة إلى الحديث مباشرة إلى شعوبهم، وفي ذلك فوائد عدة اذا أحسن الاستفادة منها.

فعودة إلى بعض التجارب يمكن مراجعة ما قام به الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت الذي تسلم الرئاسة مرتين من العام ما بين 1933 و1945، وعندما تسلمها كانت أميركا غارقة في أكبر كساد اقتصادي تواجهه، ووصل عدد العاطلين حينها 13 مليون شخص، وكان المسيطرون على الدولة وعلى اقتصاد البلد يرفضون أية إجراءات حاسمة بينما الناس يفقدون أموالهم والعاطلون يزدادون والمصائب تتوالى. وكان أول ما عمله ان أطلق برنامجا اسماه «الاتفاق الجديد»، واعتمد على قوته الشخصية في التحدث مباشرة مع الشعب، ومن ثم فرض إجراءات حاسمة أغضبت أصحاب النفوذ، ولكنها ساهمت بصورة مباشرة في إنقاذ الوضع الأميركي.

وعلى عكس القادة الأوروبيين في زمانه الذين ركزوا على الخطابات القومية والايديولوجية، فقد ركز روزفلت على أهمية التكامل الاقتصادي للشعب من خلال ربط مصالحهم ببعضهم الآخر بصورة مصيرية. وعليه، فقد أمر في بداية عهده بإغلاق جميع المصارف الوطنية، واشترط لإعادة فتحها أن يصدر الكونغرس قانونا يسمح للحكومة بأن ترسل مفتشين داخل المصارف للتأكد من سلامة وضعها وعدم وجود مخاطر على الناس من أية إجراءات تقوم بها من دون علم الحكومة. وقد أدى ذلك إلى أن تعود ثقة الناس بالمصارف لاحقاً، وعاد الناس لاستخدامها بعد أن أمنوا على أموالهم. كما قام يضخ أموالاً كبيرة في وكالة لمساعدة العاطلين من أجل الحصول على عمل، وهذا يشبه نوعا ما البرنامج الوطني للتوظيف، لكن بصورة أكبر بكثير. وطرح برنامجاً وطنياً لضبط مستوى المعاشات مع ظروف العمل، وبدأ يضخ أموال الدولة في مشروعات للبنية التحتية لتحريك عدد من القطاعات، وأعاد تنظيم البورصة وفرض الشفافية عليها، ونفذ عدداً من المشروعات الكبرى التي فرضها بقوة شخصيته وعبر اكتساب ثقة الناس العاديين به، واستخدامهم للضغط على أصحاب النفوذ للخضوع لما يريده، وفي النهاية انتصر برنامجه (الاتفاق الجديد).

ربما أننا بحاجة إلى مثل هذا الأمر في البحرين، فلدى جلالة الملك طموحات مشتركة مع جميع فئات الشعب وكثير من هذه الطموحات والآمال يصعب تنفيذها لأن العقبات المطروحة في الطريق ليست قليلة. وليس لدي شك في أن جلالته يعلم مدى تقدير وحب الشعب له لما قام به من اصلاحات قبل خمسة أعوام، واليوم تتجدد الآمال مرة أخرى نحو موجة أخرى من الإصلاحات تدفع بالمسيرة إلى الأمام وتتخطى العقبات التي تحول دون تحقيق عدد غير قليل منها... وربما أن الحديث المباشر مع الشعب هو احد الطرق المناسبة لذلك وفي وقتنا الحالي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً