تطل علينا بين حين والآخر القنوات الفضائية العربية بإبداعاتها الفنية في بث البرامج الشبابية المغرية لعواطف الشباب، فنرى برامج تلفزيون الواقع تأخذ حيزا كبيراً لدى اهتمامات الشباب بل وتسيطر عليهم لدرجة عدم تمكنهم من التحكم في أوقاتهم، فتصبح تلك البرامج كالمخدر الذي يتلاعب فيه المنتجون لها في عواطف وأحاسيس الشباب لينصرفوا عن كل ما يحيط بهم من حوادث منزلقين في جزيئات حياتية لا معنى لها.
لست ضد البرامج التي تستهدف الشباب الموهوب وتعمل على إبراز إبداعاته ولست ضد البرامج التي تعمل على صقل هذه المواهب وتدريبها واكتشاف ما هو مدفون بها بقالب شبابي متجدد، ولكن عندما تتجه هذه البرامج للمتاجرة بواقع الشباب العربي المزيف عن طريق تأطيره في قالب هزيل من أجل خلق جيل غير مكترث بقضاياه وهمومه. اعتقد بأننا يجب أن نقف بكل حذر أمام تلك الأمور.
إلى جانب ذلك، فإن هناك واقعاً شبابياً عربياً مريراً يجب تسليط الضوء عليه في برامج تلفزيون الواقع، لنقل صورة الشاب والشابة العربية بكل ما تحمله من هموم ومتاعب. فعندما يذهب المنتجون لنقل صور لواقع بعض من فئات الشباب العربي فإن هناك واقعاً آخر مليئاً بالآلام والمآسي، هناك واقع شبابي ينتشر فيه الفقر والحرمان وازدياد أعداد العاطلين عن العمل وهجرة الكثيرين منهم عن أوطانهم للتغرب في الدول المتقدمة من اجل الحصول على جزء من الحياة الكريمة ، لما لا يتجه تلفزيون الواقع لذلك؟ ولما لا يتجه لنقل صورة الشباب المناضل في بقاع الدول العربية ضد كل قمع واضطهاد؟ ولما لا يتجه لنقل تفاصيل حياة الشباب الفلسطيني والعراقي؟ وغيرهما...
فلنعمل على خلق إعلام يخاطب عقول الشباب لا عواطفهم للخروج من أزمة التخدير الواقعة من برامج التلفزيونات العربية
العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ