هل يمكن ان ينقضي الفساد وتتحول الدنيا الى دنيا وردية ملائكية؟ لا، طبعاً. لا احد يمتلك الفانوس السحري لتبديل الأوضاع، لكن بامكاننا أن نصلح البيوت ونرمم الوزارات بعيدا عن وضع المكياج أو تدليك اكتاف أي وزير، ولكن خطاب العقل يقول: الطموح في تحقيق مساواة أكبر وفساد أقل ودخل افضل ومدارس افضل وهكذا.

إن تكدس العشرات من المواطنين على أبواب المؤسسات للاكتتاب يعكس مدى حاجة الناس الى رفع مستوى معيشتهم. المواطن البحريني لا يريد إلا مسكنا ملائما يحفظ كرامته، وراتبا يؤهله للعيش مستقرا، ويبحث عن مسئولين يمنحونه اذنا صاغية.

إن فاجعة الفتاة التي توفيت أخيرا إثر الصعق الكهربي هزت مشاعر كل البحرينيين.

خلال السنوات الماضية كانت الوزارة تعرف بالوزير على طريقة منزل المدعو فلان بن فلان، لا انه يعرف بالوزارة، حتى أصبحت بعض وزاراتنا اشبه بالمزارع الخاصة أو مؤسسة تجارية للعائلة. وهنا اتذكر شاعرا كان يردد شعرا جميلا في احدى الدول العربية:

يا وزير الاقتصاد الوطني

لم تقل لي كيف اصبحت غني؟

الوزيرالبحريني في السابق - عادة - له هيبة مصطنعة اما اليوم فالوزير هيبته بمقدار ما ينتجه من مشروعات ومواقف تتناسب مع التنمية الاصلاحية، لهذا نجد عددا من الوزراء قد يصبحون مادة دسمة للصحافة لو انهم كرسوا اعمالهم لـ «الشو والبرستيج». على مستوى الصحافة كان الصحافي يمشي - وهو يكتب - على حد 22 سكينا غالبيتها سُنت من قبل المراقبين في وزارة الداخلية. اما الآن فوزارة الداخلية لم تصبح بعبعا يخوف الصحافيين وهذه خطوة تشكر عليها، بل نجد المحافظة الشمالية تشجع - مثلاً - المبدعين وتكرم الفنانين كما حدث قبل شهر ونصف الشهر تقريبا. والقانون يجب ان يدعم الصحافي تماما كقانون الصحافة الكويتي فلا يجرجر الصحافي الى السجن.

هناك قاعدة سياسية مهمة يجب ان نعرفها تقول: كل معادلة لها طرفان وإذا لم يتحقق الانسجام بين الطرفين تصبح المعادلة مستحيلة الحل. الدولة يجب ان تشرك المجتمع المدني في العملية السياسية وهو بدوره يجب ان يتفهم الشراكة بمنطق الواقعية وإذا اختلت هذه المعادلة كانت التداعيات على الجميع.

خطاب جلالة الملك كان صريحاً ووضع النقاط على الحروف. الحرب على الفساد خطوة مهمة؛ لأن في محاربة طواحين الهواء ضرورة لأية وزارة، والشفافية مطلوبة. قول جلالته: «أرض مجانية لكل مواطن» في غاية الأهمية. اعرف أطباء وأكاديميين لا يملكون مالاً لشراء أرض بل هم مثقلون بالقروض.

فعلاً «الصحافة ذراع للاصلاح». رئة الصحافة البحرينية تنشقت عبق الانفتاح فلا يمكنها ان تفقد أوكسجين الحرية. وقيمة أي مجتمع مفتح تنموي بوجود الرقابة والنقد الموضوعي وهنا يجب ان نركز على النقد بحضارية وبلغة تعتمد الارقام.

فعلا «انتهى عهد وزير الـ 30 سنة». ذلك ان الرحم البحرينية لم تصب بالعقم، واي وزير جديد يجب ان يثبت جدارته ورقي خطابه مع الناس ومع الموظفين ويعطي صورة حسنة للمشروع الاصلاحي. عندنا بعض الوزراء نسينا انهم وزراء يتركون كل شيء على رأس الوكيل والوكلاء المساعدين، وهؤلاء لا وجود لهم الا لقص الأشرطة.

انها دعوة صريحة من قول «مشاركة المقاطعين من اجمل الايام» وهذه أمنية الجميع ليسير القطار الوطني على السكة الصحيحة، والأمنية تكبر بدخول المعارضة بقوائم مشتركة في الانتخابات وان نرى صور مرشحين من الطائفتين في قوائم موحدة.